بمنزلة الشيخ العالم وفوقه وإن لم يكن من عند الله فلو عمر ألف سنة فهو واحد من الناس هذا مما لا ينبغي أن يفكر فيه، فأقبلت العصابة عليه تعذله وتوبخه، وكان وقت الموسم فاجتمع من فقهاء بغداد والأمصار وعلمائهم ثمانون رجلا فخرجوا إلى الحج وقصدوا المدينة، ليشاهدوا أبا جعفر (ع) فلما وافوه أتوا دار جعفر الصادق (ع) لأنها كانت فارغة ودخلوها وجلسوا على بساط كبير، وخرج إليهم عبد الله بن موسى (ع) فجلس في صدر المجلس، وقام مناد وقال: هذا ابن رسول الله (ص) فمن أراد السؤال فليسأل، فسئل عن أشياء أجاب فيها بغير الجواب، فرد على الشيعة ما أحزنهم وغمهم واضطربت الفقهاء فقاموا وهموا بالانصراف وقالوا في أنفسهم: لو كان أبو جعفر (ع) يكمل لجواب المسائل لما كان عند عبد الله ما كان ومن الجواب بغير الواجب، ففتح عليهم باب من صدر المجلس ودخل موفق وقال: هذا أبو جعفر (ع) فقاموا إليه واستقبلوه وسلموا عليه فرد عليهم السلام فدخل (ع) وعليه قمصان وعمامة بذؤابتين، وفي رجليه نعلان، وجلس وأمسك الناس كلهم فقام صاحب المسألة فسأله عن مسألة أجاب عنها بالحق، ففرحوا ودعوا له وأثنوا عليه وقالوا له: إن عمك عبد الله أفتى بكيت وكيت، فقال (ع): لا إله إلا الله يا عم إنه عظيم عند الله أن تقف بين يديه فيقول لك لم تفتي عبادي بما لا تعلم وفي الأمة من هو أعلم منك، ولم يزل صلوات الله عليه في كل يوم تظهر له (ع) معاجز وبراهين لا تحصى، وكرامات لا تستقصى حتى تحدث الناس بفضله في جميع الأمصار، واعتقدوا فضله على من سواه الاجتماع.
فمن معجزاته (ع) البارعة ما وقع له عند وفاة أبيه (ع) وقد ذكرناها مفصلة هناك، وما رواه محمد بن ميمون قال: كنت مع الرضا (ع) بمكة قبل خروجه إلى خراسان فقلت له: إني أريد أن أتقدم إلى المدينة، فاكتب معي كتابا إلى أبي جعفر (ع)، فتبسم وكتب كتابا وسرت إلى المدينة وكان قد ذهب بصري، فأخرج الخادم أبا جعفر يحمله من المهد فناولته الكتاب فقال موفق: فضه