وانشره بين يديه ففضضته ونشرته بن يديه فنظر فيه ثم قال لي: يا محمد ما حال بصرك؟ فقلت: يا ابن رسول الله اعتليت فذهب بصري كما ترى، فمد يده ومسح على عيني فعاد إلى بصري كأصح مما كان، ثم قبلت يديه ورجليه وانصرفت من عنده وأنا بصيرا.
وروي عن حكيمة بنت الرضا (ع) قالت: لما توفي أخي الجواد (ع) صرت يوما إلى امرأته أم الفضل بسبب احتجت إليها فيه، قالت: فبينما نحن نتذاكر فضائل الجواد وكرمه وما أعطاه الله تعالى إذ قالت امرأته أم الفضل: ألا أخبرك عن أبي جعفر بعجيبة لم يسمع بمثلها قط؟ قلت: فما ذلك؟ فقالت:
انه أغارني مرة بجارية ومرة بتزويج، فكنت أشكوه إلى المأمون فيقول لي:
يا بنية احتمليه فإنه ابن رسول الله (ص)، فبينما أنا ذات ليلة جالسة إذ أتت إلي امرأة كأنها غصن بان أو قضيب خيزران فقلت لها: من أنت؟ فقالت: أنا زوجة أبي جعفر، وأنا امرأة من ولد عمار بن ياسر (رض) قالت: فدخل علي من الغيرة مالا أملك على نفسي، فنهضت من وقتي وساعتي إلى المأمون وكان ثملا من الشراب وقد مضى من الليل أربع ساعات، فأخبرته بحالي فقلت: إنه يشتمني ويشتم العباس وولده، وقلت فيه ما لم يكن أبدا فغاظه ذلك وأخذ سيفه وتبعته ومعه خيزران الخادم، فجاء إلى أبي جعفر (ع) وهو نائم فضربه بالسيف حتى قطعه إربا إربا وعاد، فلما أصبح عرفنا ما كان منه فأنفذ الخادم فوجد أبا جعفر (ع) قائما يصلي، فرجع له وأخبره أنه سالم، ففرح وأعطى الخادم ألف دينار وحمل إلى محمد الجواد (ع) عشرة آلاف دينار، واجتمع معه واعتذر إليه بالسكر، فأشار بترك الشراب فقبل منه الحديث.
ولله در من قال: [فوا لهفتي لا بن الرضا وما جرى * عليه من المأمون شر جزاء] [لقد أضمر الغل الكمين بقلبه * ولم يكفه ما قد جرى باباء] [أيسعى إلى قتل الجواد ولم يكن * له نحوه ذحل وشر قضاء]