قلت: وما فضل الهندباء؟ ما من ورقة من الهندباء إلا وعليها قطرة من الجنة فيها شفاء من كل داء، ثم رفع الطعام وأتى بالدهن، فقال: ادهن يا أبا عبد الله قالت: قد أدهنت قال: إنه هو البنفسج، قلت: وما فضل البنفسج على سائر الادهان قال: فضله على سائر الادهان كفضل الاسلام على سائر الأديان، ثم دخل عليه محمدا ابنه فحدثه بالسر فسمعته يقول: عليك بحسن الخلق فقلت:
يا بن رسول الله (ص) إن كان أمر الله مما لابد منه ووقع في نفسي أنه (ع) قد نعى نفسه فإلى من نختلف بعدك؟ فقال: يا أبا عبد الله إلى ابني هذا، وأشار إلى ابنه محمد الباقر (ع)، فإنه وصيي ووارثي وعيبة علمي ومعدن الحكم وباقر العلم، ثم قال: (ع): سوف يختلف إليه خلاص شيعتي ويبقر العلم عليهم بقرا قال: ثم أرسل ابنه محمد (ع) في حاجة له إلى السوق فلما جاء قلت: يا بن رسول الله هلا أوصيت أكبر أولادك قال: يا أبا عبد الله ليست الإمامة بالكبر والصغر هكذا عهد إلينا رسول الله (ص) وهكذا وجدناه في اللوح والصحيفة، قلت: يا بن رسول الله فكم عهد إليكم نبيكم أن يكون الأوصياء من بعده؟
قال: ووجدناه في الصحيفة واللوح إثنا عشر أسامي مكتوبة بأسمائهم وأسماء آبائهم وأمهاتهم، ثم قال: يخرج من صلب ابني محمد (ع) سبعة من الأولياء فيهم المهدي عجل الله فرجه.
وكم مثل هذه الأخبار الدالة على النص على إمامته (ع) مما يضيق بها الاملاء، فلله دره من معدن علم وعمل ومحل عصمة من الخطايا والزلل ولهذا فوض الله إليه أحكامه وأوعز إليه حلاله وحرامه، فضاقت نفوس الحاسدين وأرادت إطفاء نوره، فسمت إليه وأهبطت مقامه وقصدت هدم تلك الدعامة للعداوة القديمة وما فيهم من القباحة والدمامة، فكأن رسول الله (ص) ما أولدهم ولم ينص عليهم بالولاية والإمامة طلبوا بذلك فبذلوا فيه حطامه وأمكنهم الله من ذلك ليحبوهم الله بالشهادة ودار المقامة، فليت نفسي الفداء لهم قبل أن يلقوا من المنون حمامه.