نظرات في الكتب الخالدة - حامد حفني داود - الصفحة ٧٦
من هذا الحديث أن أمنه عليه السلام تلخيص لكل ما مرت به الأمم السالفة من حيث المعجزات والخوارق - وليس كما يظن البعض أن الحديث مقصور على الآثام والابتلاء بدليل أن أمنه لم يحدث فيها خسف ولا فسخ إحقاقا لكرامته عند الله وبذلك يتعين أن المقصود هو ما جرى في الأمم السالفة من خوارق كقصة أهل الكهف وقصة العزير.
وإذا كان العزير مات وحماره إلى جواره مائة عام ثم أحياه الله تعالى وأحيا حماره، وحدث مثل ذلك مع أهل الكهف حين لبثوا ثلاثمائة عام في سبات عميق لم يتخلله يقظة أو شراب، فإن الله فعل مثل ذلك في أمة حبيبه محمد وذلك في شخص المهدي المنتظر.
وبذلك يثبت الدليل بالمنقول في القرآن، ويكون استدلال العلامة الصدر من باب تأييد المنقول بالمعقول وأعمق من ذلك أن الحياة - في نظر العلماء الكاملين الجامعين بين الشريعة والحقيقة والطبيعة - لا تنقضي - شرعا - بسبب انتهاء مقاومة الجسم لعوامل الهدم الداخلية والخارجية، وإنما تنقضي بسبب انقضاء الأجل نفسه.
وفي هذا السر الذي لا يدركه إلا الراسخون في العلم قال جد الأئمة علي بن أبي طالب: (إنما يحفظ المرء أجله) ولم يقل صحنه أو ما فيه من عوامل البناء التي تقاوم عوامل الهدم.
وقبل أن أختم كلمتي لا أستطيع أن أكتم ثنائي على ما دبجه يراع السيد الصدر في الدفاع عن خارقة الإمام المهدي ذلك الدفاع المنهجي العلمي الذي صاغه في الصورة العلمية التي تلائم روح الفكر المعاصر في الوقت الذي لم أكن
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 79 80 81 82 ... » »»