نظرات في الكتب الخالدة - حامد حفني داود - الصفحة ١٤٩
يقين مما ألزم به نفسه من حجة أو كان الأمر أدخل عليه إدخالا، فإن ذلك من أفعال القلوب التي ينبغي ألا نحكم عليها، ونكتفي منها بالظاهر دون الباطن ومن ثم كان في اجتهاد (عبد الرحمن) و (عثمان) نظر على حين أصاب (علي في اجتهاده) لما خرج من ورطة إقامة الحجة على نفسه فيما هو الغيب من الأمور عنه وأجهدت (عائشة) فأيدت (عثمان) ثم خرجت عليه فكان في اجتهادها نظر، بينما اطمأن (على إلى مبدئه بعد أن أقام الحجة على منافسه فلم يخرج على (عثمان خروج (عائشة) عليه واجتهد (علي) بعد مقتل عثمان، فلم يقبل من طلحة والزبير المبايعة له إلا أمام الناس وبإجماع المسلمين في المسجد فقام وخطب الناس:
(إني قد كنت كارها لأمركم فأبيتم إلا أن أكون عليكم ألا وإنه ليس لي أمر دونكم، ألا إن مفاتح مالكم معي ألا وإنه ليس لي أن آخذ من درهم دونكم،... ثم قال: أرضيتم؟ قالوا: نعم قال: اللهم أشهد عليهم ثم قبل بيعتهم على ذلك (1) وهكذا أقام (علي) الحجة عليهم، وأصاب فيما أجتهد فيه حين برأ منهم الذمة وأصبح مطلوبا لهذا الأمر لا طالبا له فكل من خالفه بعد هذه الخطبة ناكث، وكل من حافظ على بيعته له مؤمن صادق الإيمان: وذلك اجتهاد لا يعادله اجتهاد صدقا وإخلاصا ونزاهة عما في بيت المال، وعما لي أيدي المسلمين

1 - ابن جرير الطبري تاريخ الأمم والملوك 5 / 152 - 153.
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»