عليها من أجل تحقيق المصلحة العامة للمسلمين وإيثاره دنياهم ومصلحتهم على ودنياه ومصلحته، ولو كان في ذلك أشد الضيق على نفسه ولقد كان في خلافته مثلا أعلى، نزاهة في الطعمة، وعدالة في الأحكام عزوفا عن الدنيا سعى غيره إلى الخلافة، وسعت الخلافة إليه، وآثر غيره مصلحة نفسه ومصلحة أقاربه، وآثر هو مصلحة المسلمين على نفسه وعلى أقاربه (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة (1) وتبجح غيره على فقراء الصحابة وعدولهم على حين ساواهم هو وأنزلهم منزلة النفس والولد، وليس أقل من أن يقال مزج غيره المصلحة العامة بالمصلحة الخاصة، ولكنه أبى أشد الإباء إلا أن يعمل للمصلحة العامة وحدها، متحرزا كل التحرز من أن يعمل أو يجتهد لمصلحته الشخصية روى (ابن قتيبة في الإمامة والسياسة) أن عقيل بن أبي طالب قدم على أخيه (علي) بالكوفة فقال له علي: مرحبا بك وأهلا، ما أقدمك يا أخي؟
قال: تأخر العطاء عنا، وغلا السعر ببلدنا، وركبنا دين عظيم، فجئت لتصلني فقال علي: والله! ما لي ترى شيئا إلا عطائي فإذا خرج فهو لك