نظرات في الكتب الخالدة - حامد حفني داود - الصفحة ١٥٢
لأجل المعاني الإنسانية، وإنما ليجد من وراء ذلك القصد مطية رخيصة يصل بها إلى منصب الخلافة عنوة - فكان اجتهاده باطلا، وذلك أسوا مراتب الاجتهاد إن صح لنا أن نسمي ذلك النوع اجتهادا وأصاب على حين نبه الجماعة الإسلامية إلى بطلان معاوية في موقفه فأصاب وأصاب كل من انحاز إلى جماعته، على حين أساء معاوية إلى الجماعة الإسلامية وكذلك أساء كل من سلك مسلكه وورد مورده فما من محارب قتل في جيش علي رضي الله عنه دفاعا عن مثله ومبادئه إلا وهو شهيد مجتهدا كان أو مقادا، وما من محارب قتل في جيش معاوية دفاعا عن مزاعمه إلا وهو عاص مجتهدا كان أو مقلدا ذلك لأنه من الفئة الباغية التي قتلت عمار بن ياسر كما نص عليه الحديث النبوي وقد جهل السطحيون من المسترقين والمحدثين فهم هذه المواقف الخالدة التي أصاب فيها (علي) مواطن الاجتهاد على حين أخطأها غيره، وذلك قدر لا حاجة لنا به إلى إماطة اللثام - في هذا المقام - وقد أفردنا له كتابنا (دحض مفتريات المستشرقين)، وما علم هؤلاء المستشرقون أن (عليا) يؤثر دينه على دنيا الناس، ويقدم مراقبة الخالق سبحانه على مجاملة المخلوقين جهل هؤلاء السطحيون من المستشرقين وصغار الباحثين هذه المعاني العميقة السامية لأن السياسة في نظرهم هي انتهاز الفرصة التي تقوم على المخاتلة، والمؤاربة و الكذب، والنفاق والمد والجزر، والامتناع في موضع القبول، والقبول في موضع الامتناع، وهي عند الإمام الورع والمثالي الحجة شئ

(1) (دراسات في الخلافة الإسلامية)
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»