فكل حديث لها يمت إلى شئ من هذه الأحداث الكبرى يحب أن نقف منه في حذر شديد، وأن نقنع نفوسنا بكلمة الحق مجردة عن الأشخاص والأهواء وقد يكون من حق الصحابة أن يخطئوا، فكل إنسان - كائنا من كان - من حقه أن يصيب وأن يخطئ في الأمور الظنية ما دام يجتهد اجتهاده الخاص ولكن ليس من حق الباحثين أن يلغوا عقولهم وتفكيرهم المنطقي، أو أن يتصاغروا أمام الشخصيات الكبرى فيخفوا كلمة الحق، وكذلك ليس من حقهم أن يضعوا اجتهاد المخطئ واجتهاد المصيب في درجة واحدة من القبول والامتناع، بل يجب علينا أن نتثبت من ذلك كل التثبت لكل من بلغ درجة الاجتهاد وما دام كل مجتهد محاسب على اجتهاد، بين يدي الله سبحانه، ولكن الضائر حقا - في نظر المنهج العلمي الحديث - أن نقف نحن من علي وعائشة موقف المتحامل المغرض، وأن نضعهما في منزلة واحدة من العدالة، وأن نسوي بين من اجتهد وأصاب - وهو علي رضي الله عنه - وبين من اجتهد وأخطأ - وهو عائشة، أو معاوية، أو غيرهما من الصحابة المتحاملين على الإمام علي لقد كان (رضي الله عنه) أمة وحده، لا لمحض كونه باب مدينة العلم، ولا لكونه وصي محمد عليه السلام، ولا لرزانة لسانه، أو قوة جنانه، وشجاعته في الحق، وإرسائه قواعد هذا الدين الحنيف ليس غير، ولكن لشئ خطير هو مناط ذلك كله، ألا وهو مراقبة الله سبحانه في جميع أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته، حتى لقد كان يضيق على نفسه ويشق
(١٤٥)