نظرات في الكتب الخالدة - حامد حفني داود - الصفحة ١٣٥
المرسلين تابعا (1) وفي ذلك يقول: صلوات الله عليه: ما من نبي إلا وأعطى ما آمن به البشر إلا أنا، فقد أعطيت هذا القرآن وأرجو أن أكون به أكثرهم تابعا.
ولكن هذا الكمال الذي عرف به أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يناقض أن يكون من بين الجماعة نفر أخلوا بما أمر به صلوات الله عليه من استمساك بأهداب الشريعة واعتصام بما جاء به محمد من هدى.. كما أن ذلك في نفس الوقت لا يمنع من أن نضع هذه الصفوة من الجماعة أو هذا الرعيل الأول من المسلمين تحت نواميس النقد.
فهذه الصفوة لم تكن من نمط واحد من العدالة، كما أنها لم تسلم من الدخيل عليها، ولا من التظاهر بالإسلام المخفي للكفر، على الرغم مما كان يهدف إليه صلوات الله من هدية البشر جميعا، وما يرجوه من الوصول بهم إلى أسمى درجات الهداية وأعلى منازل الصديقين.
وقد أشار الله في محكم آياته إلى ما كان يعتلج في صدر هذا الرسول الأعظم من رغبة صادقة عنيفة في أخذ الناس جميعا إلى طريق الله، وميل في السلوك بهم كل سبيل يحقق لهم معاني الهداية، بلا استثناء فرد واحد من البشر.

1 - أولوا العزم من الرسل هم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وقد رتبهم الناطق وفق درجاتهم في قوله:
محمد إبراهيم وموسى كليمة * فعيسى فتوح هم أولوا العزم فاعلم.
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»