العصر الثالث:
مدرسة قم والري كانت مدينة قم منذ أيام الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، مدينة كبيرة من أمهات المدن الشيعية، وكانت حصنا من حصون الشيعة، وعشا لآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد مدفن العلوية الطاهرة فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر شقيقة الإمام الرضا (عليه السلام)، وكانت قم موضع عناية خاصة من لدن أهل البيت (عليهم السلام). فقد جاء في الحديث أن البلايا مدفوعة عن قم وأهلها، وسيأتي زمان تكون فيه بلدة قم وأهلها حجة على الخلائق، وذلك في زمان غيبة قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ظهوره عجل الله فرجه، ولولا ذلك لساخت الأرض بأهلها.
وفي القرن الرابع الهجري نشطت مدرستي قم والري وازدهرت حركة التدريس والكتابة والبحث، وظهر في هذه الفترة شيوخ فطاحل من أساتذة الفقه الشيعي الإمامي والحديث، أمثال الشيخ الكليني الذي انتقل إلى بغداد فيما بعد والمتوفى فيها سنة 329 ه، والشيخ ابن بابويه والد الشيخ الصدوق المتوفى سنة 329 أيضا والمدفون في الري، وهي السنة التي بدأت غيبة الإمام الحجة بن الحسن (عليه السلام)، وابن قولويه تلميذ الشيخ الكليني، وأستاذ الشيخ المفيد الذي انتقل إلى بغداد أيضا والمتوفى فيها سنة 369 ه، والشيخ الصدوق المتوفى في الري سنة 381 ه والمدفون فيها، وكذلك الشيخ ابن الجنيد المتوفى في الري سنة 381 ه والمدفون فيها، وغيرهم من مشايخ الفقه والحديث.
وفي الفترة الممتدة من انتقال الشيخ الكليني والعلماء الذين سبق ذكرهم إلى بغداد، إلى احتلالها من قبل السلاجقة والحوادث المؤسفة التي نتجت عنها،