والبحث والمناقشة والمطالعة، أمثال الشيخ المفيد والسيد المرتضى، وكان للشيخ الطوسي الأثر الكبير في الحركة الفكرية القائمة في حينه.
ويمكن القول أن مدرسة الفقه الشيعي قد تكاملت وتأصلت، وظهرت ملامح الاستقلال عليها في قم والري، وتبلورت أصولها وقواعدها في بغداد.
وعلى رغم كثرة مدارس البحث الفقهي في بغداد في ذلك الحين، غير أن مدرسة أهل البيت كانت أوسعها انتشارا، وأعمقها جذورا وأصولا، وأكثرها تأصلا واستعدادا وأقومها في الاستدلال والاحتجاج، مما كان يبعث طلاب الفقه على اختلاف مذاهبهم ونزعاتهم الفكرية للانضمام إلى حلقات هذه المدرسة دون غيرها، فقد كان يحضر درس الشيخ الطوسي في بغداد حوالي الأربعمائة مجتهد من علماء الشيعة ومن علماء أهل السنة وبقية المذاهب، وكانت مدرسة بغداد قبل الاحتلال المغولي حافلة بالفقهاء والباحثين وحلقات الدراسة الواسعة، وكان النشاط الفكري قائما على قدم وساق.
وكان لهذه المدرسة الدور البارز والفضل الكبير في إرساء قواعد ومعالم مدرسة أهل البيت الفقهية وتثبيت دعائمها التي استمرت عامرة إلى عصرنا الحاضر.
العصر الخامس:
مدرسة الحلة برزت مدرسة الحلة الفقهية بعد احتلال بغداد.
فحينما احتلت بغداد من قبل المغول التتار السفاكين سنة (656 ه - 1258 م)، أوفد أهل الحلة وفدا إلى قيادة الجيش المغولي يلتمسون الأمان لبلدهم، فاستجاب لهم (هولاكو) وآمنهم على بلدهم.
وبذلك ظلت (الحلة) مأمونة من النكبة التي حلت بسائر البلاد في محنة