إلى هجرة الشيخ الطوسي إلى النجف الأشرف سنة 449، كانت الحركة العلمية فيها نشيطة دراسة وتأليفا وبحثا، كما سيأتي بيان ذلك في مدرسة بغداد مفصلا.
إليك نبذة عن تأسيس مدينة قم، ونبذة عن الحياة الفكرية والعلمية فيها.
كان بدء تمصير (قم) في أيام الحجاج بن يوسف الثقفي سنة 83 هجرية، وذلك أن عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس، عندما كان أمير سجستان من قبل الحجاج، خرج عليه، فلما أخفق ابن الأشعث رجع إلى كابل منهزما، وكان في حملته خمسة إخوة يقال لهم: عبد الله، والأحوص، وعبد الرحمن، وإسحاق، ونعيم، وهم بنو سعد بن عامر الأشعري، وقعوا إلى ناحية قم، وكان هناك سبع قرى مجاورة استوطنوا فيها، واجتمع إليهم بنو عمهم، وصارت القرى المجاورة لها مستوطنة لهم، وكان متقدم هؤلاء الإخوة كبيرهم عبد الله بن سعد، وكان له ولد قد تربى بالكوفة، فانتقل منها إلى قم وكان إماميا، وهو الذي نقل التشيع إلى أهلها، فلا يوجد بها سني قط (1).
ومن الجدير بالذكر أن أبناء عبد الله بن سعد القمي الأشعري، اثنان وهم (عيسى وعمران) وقد ترجم لهما الإمام السيد الخوئي (رحمه الله) في معجم رجال الحديث (2)، فذكر بعض الروايات الدالة على تجليل الإمام الصادق (عليه السلام) لعمران، وكذلك أخوه عيسى، فقد ذكر له بعض الروايات الصحيحة عن الإمام الصادق (عليه السلام) تدل على علو قدره وجلالته، وقد ذكرنا ترجمتهما في فصل الثقات.