ومنهم: الأصبغ بن نباتة، صاحب الإمام علي (عليه السلام)، روى عنه عهده إلى مالك الأشتر النخعي، ووصيته إلى ابنه محمد بن الحنفية.
ومنهم: سليم بن قيس الهلالي، صاحب أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، له كتاب في الإمامة، وله مكانة عليا في المذهب من حيث الأصول.
وذات يوم كان الحكم بن عيينة عند الإمام الباقر (عليه السلام) يسأله، فقال: قم يا بني فأحضر كتاب علي، فأحضر كتابا مدرجا عظيما ففتحه، وجعل ينظر [فيه] حتى أخرج المسألة، وقال: هذا خط علي وإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأقبل على الحكم وقال: " إذهب أنت وسلمة حيث شئتم يمينا وشمالا، فوالله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبريل ".
وعن الإمام زين العابدين، رويت الصحيفة السجادية والمسماة بالصحيفة الكاملة، وعنه آلت إلى الشيعة رسائل عديدة، منها: رسالة الحقوق، ورسالة إلى ابن شهاب الزهري، وغيرهما.
كان أول المستفيدين بالتدوين الباكر أولئك الذين يلوذون بالأئمة من أهل البيت (عليهم السلام)، فيتعلمون شفاها أو تحريرا، فما تناقلته كتب الشيعة من الحديث هو التراث النبوي الصحيح في صميمه.
بلغ الشيعة في يسر طوع لعلمهم الازدهار، في حين لم يجمع أهل السنة هذا التراث إلا بعد أن انكب عليه علماؤهم قرنا ونصف قرن، حتى حصلوا ما دونوه في المدونات الأولى، وظلوا قرونا أخرى يجوبون الفيافي والقفار في كل الأمصار، فتطابقت السنة - في مجموعها - عند هؤلاء وأولاء، إلا أمورا لا تتصل بأصل الدين، وخلافات في الفروع.
وربما كان اختلاف مذاهب أهل السنة فيما بينهم وبين أنفسهم أكثر ظهورا