البحث التاريخي تختلف اختلافا بينا عما هي عليه في النصوص والنقول الفقهية؛ فمن الواضح أن ذلك التمحيص الذي ينصب على سند الرواية الفقهية، لا يجري بنفسه على البحوث التاريخية.
فما يستدعيه البحث التاريخي أكثر؛ هو طبيعة النص (الوثيقة) ومدى ثباته وسلامته، وهذه غاية يبلغها الباحث باستخدام قرائن متعددة.
في رؤيتنا أن النص أو النقل الموثق - فقهيا كان أم تاريخيا - هو الذي يكون موثوقا يبعث على الاطمئنان، حتى لو لم يحظ بسند ثابت وصحيح. نسجل ذلك رغم انتباهنا لأهمية السند الصحيح والموثق في إيجاد الاطمئنان.
وينبغي أن نضيف أيضا إلى أن الوثوق السندي في النصوص التي تستند إلى المصادر الحديثية والتاريخية للفريقين (الشيعة والسنة) لا يمكن أن يكون ملاكا كاملا وتاما؛ إذ من الواضح أن لكل فريق رؤيته الخاصة في تعيين " الثقة " و " غير الثقة "، كما له مساره الخاص ونهجه الذي يميزه في الأصول الرجالية.
الكلمة الأخيرة على هذا الصعيد تتجه إلى طبيعة الملاك الذي انتخبناه؛ ففي عملية جمع النصوص وفرزها عمدنا بالإضافة إلى ما بذلناه من جهد في توثيق المصدر والاهتمام بالسند، إلى مسألة نقد النص كي يكون هو الملاك الأهم في عملنا. وفي هذا الاتجاه سعينا إلى بلوغ ضرب من الاطمئنان من خلال تأييد مضمون النص بالقرائن النقلية والعقلية، كي يتحول ذلك إلى أساس نطمئن إليه في ثبات النص.