في هذا القسم يخرج القارئ بحصيلة معرفية معطاءة عن أولئك الرادة الذين تربوا في كنف علي، وتخرجوا من مدرسته، وفي الوقت ذاته تتكشف له معالم الحكم العلوي وما كان يعانيه من قلة الطاقات الريادية الملتزمة الرشيدة، وما يكابده الحكم من نقص في القوى الفاعلة المطيعة المسؤولة. وهذا الواقع يسهم إلى حد في الإفصاح عن السر الكامن وراء بعض النواقص التي بدت في الحكم العلوي، ويعين القارئ على إدراك ذلك، كما تمنحه معطيات هذا القسم موقعا أفضل للتوفر على تحليل واقعي لحكومة الإمام.
من الجلي أن أصحاب الإمام لم يكونوا على مستوى واحد، كما لم يكن عماله كذلك. لقد كانت ضرورات الحكم ومتطلبات الإدارة العامة تملي على الإمام أن يلجأ أحيانا إلى استعمال أناس ثابتين في العقيدة بيد أنهم غير منضبطين في العمل. لكن الإمام لم يكن يغفل لحظة عن تنبيه هؤلاء وتحذيرهم المرة تلو الأخرى، كما لم يطق مطلقا انحرافاتهم وما يصدر عنهم واضطراب سلوكهم مع الناس.
إن عليا الذي أمضى عمرا مديدا يضرب بسيفه دفاعا عن الحق؛ وعليا الذي اختار الصمت سنوات طويلة من أجل الحق " وفي العين قذى، وفي الحلق شجا "؛ علي هذا لا يطيق المداهنة - وحاشاه - في تنفيذ الحق، ولا يعرف المجاملة في إحقاقه، ولا يتحمل المساومة أبدا.
تتضاعف أهمية هذا القسم من الموسوعة، وهو حري بالقراءة أكثر، ونحن نبصر - فيه - مواقف الإمام من الأصحاب والعمال مملوءة دروسا