نفسه بنفسه بمعزل عن إرادة الله تعالى وأمره وإذنه بالضرورة، فيسقط هذا الافتراض من الأساس، إلا أن من الممكن افتراض وجود إذن وتخويل من الله تعالى للناس أن يختاروا لأنفسهم إماما يلي أمرهم، ويتولى الحكم فيهم. وهذا افتراض ممكن على حد الثبوت، إذا وجدنا له إثباتا في الشريعة.
وهذا الافتراض يصحح أصل (الاختيار) ويمنحه الشرعية، كما يصحح شرعية ولاية الحاكم الذي يتم نصبه بموجب أصل الاختيار.
ونحن فيما يلي سوف نحاول إن شاء الله أن نلقي بعض الأضواء على كل من هذين الافتراضين، ونبحث عن إمكان كل منهما في مرحلة الثبوت وعن أدلة إثباته. فإذا انتهينا إلى صحة وثبوت أي منهما فإن أصل (الاختيار) يكون أصلا مشروعا لا محالة.
وإن لم تقاوم هاتان الفرضيتان النقود والمؤاخذات العلمية الموجهة إليهما، ولم نجد لهما دليلا على الإثبات فلا محالة ينبغي أن نعتمد أصل (التنصيص) في مسألة الإمامة، ونتوقف عن قبول أصل (الاختيار)، أساسا شرعيا للإمامة في الإسلام. وهذا بحث دقيق وعسير.
نسأل الله تعالى أن يأخذ فيه بأيدينا إلى الصراط المستقيم، ويجنبنا المزالق التي تعترض هذا الطريق.