مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٤٢٨
الملك أبا بكر بن سعد الزنكي أيضا أشار إلى المستعصم بالمصانعة والمهادنة فلم يقبل نصيحته، وقد دفع هذا الملك التتار بالمصانعة والتدبير عن بلاد فارس.
وذكروا من تكبر الخليفة انه كان في طريق بلاطه حجر كالحجر الأسود عليه غطا اطلس اسود، وكان الملوك والسلاطين وكبرا الناس وغيرهم يزورون ذلك الغطا ويستلمون الحجر، وذكروا ان العالم المتورع مجد الدين إسماعيل الفالي الذي أرسله اتابك مظفر الدين سعد رسولا إلى الخليفة امتنع عن تقبيل الحجر المذكور ونعم ما فعل فإنه يجب على كل مسلم موحد مؤمن بالله ورسوله ان يمتنع عن ذلك فلما الزموه وضع المصحف الشريف على الحجر وقبل المصحف.
ومن أفظع الوقايع الحادثة في خلافة المستعصم تخريب محلة الكرخ في بغداد، وقتل جماعة كثيرة من الشيعة من بنى هاشم وغيرهم، ونهب أموالهم واسر البنات، وحملهن عاريات على الخيول في السوق بأمر أبى العباس أحمد بن المستعصم.
وعلى كل حال احتمال كون اتهام الوزير العلقمي بالمواضعة مع هلاكو من مختلقات المتعصبين وأعداء الشيعة قريب جدا لا يدفعه شئ، واسناد الاشتراك في هذه الجرائم الفظيعة إلى أحد من المسلمين من غير دليل قطعي لا يجوز عند العقل والشرع.
ولأجل زيادة التوضيح ننقل كلام (ابن الطقطقي) في الفخري (ص 246) قال: كان (يعنى العلقمي) رجلا فاضلا كاملا لبيبا كريما وقورا محبا للرياسة، كثير التجمل، رئيسا متمسكا بقوانين الرياسة، خبيرا بأدوات السياسة، لبيق الأعطاف بآلات الوزارة، وكان يحب أهل الأدب، ويقرب أهل العلم، اقتنى كتبا كثيرة نفيسة (إلى أن قال)، وكان مؤيد الدين الوزير عفيفا عن أموال الديوان وأموال الرعية، متنزها مترفعا. قيل: ان بدر الدين صاحب الموصل اهدى إليه هدية تشتمل على كتب وثياب ولطائف قيمتها عشرة آلاف دينار، فلما وصلت إلى الوزير حملها إلى خدمة الخليفة وقال: ان صاحب
(٤٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 ... » »»