مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٤٢٣
الحنيف في جميع الشؤون الحكومية، فانا لله وانا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة الا بالله.
ولو نظرت إلى التاريخ وقايست بين الشيعة وأهل السنة في ذلك لطمست ما كتبت أيها الخطيب، ولعلمت ان أي الفريقين أحق باللوم والتوبيخ.
ومما هو جدير هنا بالذكر نموذجا لهذه المخاصمات التي أذهبت مجد المسلمين وسلطانهم ما أصاب الناس من القتل والسبي والنهب عند افتتاح جيوش التتار بلدة أصبهان، وذلك بعد أن عجزوا عن افتتاحها ونزلوا عليها مرارا في سنة سبع وعشرين وستمأة، ووقع الحرب بينهم وبين أهلها، وقتل من الفريقين خلق كثير، ومع ذلك لم يبلغوا التتار غرضهم حتى وقع الاختلاف بين أهل أصبهان في سنة ثلاث وثلاثين وستمأة وهم طائفتان: حنفية وشافعية، وبينهم حروب متصلة، وعصبية ظاهرة، فخرج قوم من أصحاب الشافعي إلى من يجاورهم من التتار، فقالوا لهم: اقصدوا بلدنا حتى نسلمه إليكم، وكان ذلك في سلطنة ابن چنگيز خان قاآن، فأرسل جيوشا نزلوا على أصبهان في سنة ثلاث وثلاثين المذكورة، فحصروها فاختلف سيفا الشافعية والحنفية في المدينة حتى قتل كثير منهم، وفتحت أبواب المدينة، فتحها الشافعية على عهد كان بينهم وبين التتار ان يقتلوا الحنفية، ويعفو عن الشافعية، فلما دخلوا البلد قتلوهما جميعا وبدأوا بالشافعية فقتلوهم قتلا ذريعا، ولم يقفوا مع العهد الذي عهدوه لهم، ثم قتلوا الحنفية ثم قتلوا سائر الناس، وسبوا النساء وشقوا بطون الحبالى، ونهبوا الأموال، وصادروا الأغنياء ثم أضرموا النار فأحرقوا أصبهان حتى صارت تلولا من الرماد وأمثال هذه الحادثة بين أرباب المذاهب ليست بقليلة، مثل الفتنة الكبرى التي هاجت ببغداد لاختلاف الحنابلة وغيرهم في معنى قوله تعالى (عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا) فقالت الحنابلة; معناها يقعده الله على عرشه، وقال غيرهم
(٤٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 ... » »»