مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٣٤١
سائر الأعضاء بالسهر والحمى) و (من أصبح ولا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم).
أصبح المسلمون بنعمة الله إخوانا معتصمين بحبل الله تعالى، قلوبهم مؤتلفة وأغراضهم واحدة، أشداء على الكفار رحما بينهم، فتحوا الأصقاع والبلدان، وصاروا سادات الأرض، ودعاة الناس إلى الحرية والانسانية، وقواد الاصلاح والعدالة الاجتماعية.
هدموا قصور الجبابرة المستبدين، وأنقذوا الضعفاء من استعباد الأقوياء الظالمين، وأخرجوا الناس من ذل سلطان الطواغيت وعبادة العباد، وأدخلوهم في عز سلطان الله وسلطان احكامه وعبادته.
هكذا كان المسلمون الذين أخلصوا دينهم لله، ولولا ما نجم فيهم من النفاق وحب الرياسة والحكومة، والمنافرات التي وقعت بينهم في الامارة، لما كان اليوم على الأرض أمة غير مسلمة.
ولكن فعلت فيهم السياسة فعلها الفاتك، ففرقت كلمتهم، وأزالت وحدتهم ومجدهم، فصاروا خصوما متباعدين، بعد ما كانوا إخوانا متحابين، واشتغلوا بالحروب الداخلية عوضا عن دفع خصومهم وأعدائهم، ونسوا ما ذكروا به من الامر بالاتحاد، والاخوة الدينية، فصرنا في بلادنا أذلة بعد أن كنا في غير أوطاننا أعزة.
وأكثر هذه المفاسد انما اتتنا من أرباب السياسات، ورؤساء الحكومات، الذين لم يكن لهم الا الاستيلاء على عباد الله، ليجعلوهم خولا ومال الله دولا، فأثاروا الفتن، وقلبوا الاسلام رأسا على عقب، وضيعوا السنن والاحكام، وعطلوا الحدود، وأحيوا البدع وقضوا بالجور والتهمة، واستخدموا عبدة الدراهم والدنانير، وأمروهم بوضع الأحاديث لتأييد سياساتهم، وفسروا القرآن وحملوا ظواهر السنة وفق آرائهم، ومنعوا الناس عن الرجوع إلى علماء أهل البيت الذين جعلهم النبي صلى الله عليه وآله عدلا للقرآن، وامر بالتمسك بهم فراجع بعين البصيرة والانصاف كتب التاريخ والحديث حتى تعرف اثر أفاعيل السياسة في تلك الفظائع.
ولا تنس أيضا اثر سياسات خصوم الاسلام من المسيحيين واليهود وغير هما في تأجيج نار الشحنا والبغضاء بين المسلمين، فإنهم لم يسلبوا سلطانا، ولم يملكوا بلادنا
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»