الاطمئنان بنقله، والمتتبع في كتب التواريخ والرجال يعرف ان الموصوف بهذه الصفات في الشيعة واتباع أهل البيت وخريجي مدرستهم لو لم يكن بأكثر منهم في سائر الفرق ليس بأقل من غيرهم.
وليت شعري كيف جوزوا ترك رواياتهم لمكان ما ذكروا لهم من العقيدة التي أدى اجتهادهم إليها، فعدوا ذلك جرحا لرجال الشيعة والمتمسكين باهل البيت، في حين انهم يأخذون بروايات من يبغض علي بن أبي طالب والزهراء والسبطين: ومن حاربهم وسبهم، فإذا كان الحط على أبى بكر وعمر جرحا في الراوي كيف لا يكون بغض على ومحاربته وسبه جرحا فيه؟
ليس من جانب العقل أو السمع ما يدل على صحة هذا الأساس غير أنهم رأوا عدم امكان الجمع بين الاخذ بفقه أهل البيت ورواياتهم وفقه غيرهم، ورأوا ان القول بترك أقوال مبغضي أهل البيت ممن تعرف أحوال بعضهم فيما يأتي والاخذ بروايات الشيعة يضطرهم إلى اعتناق مذهب أهل البيت، وترك المذاهب الحكومية التي أيدتها السياسات طوال القرون. اتهموا الشيعة بما هم بريئون منه، فحكموا على كل من كان فيه الرفض الكامل والتشيع لأهل البيت بان الكذب شعارهم والنفاق دثارهم. والله يعلم أن أي الفريقين أولى بالكذب والنفاق.
فمبغضو أهل البيت وسابوهم ومن حاربهم وقتلهم بزعمهم هم الصادقون المخلصون البريئون من الكذب والنفاق وهم أهل السنة، وان حكم رسول الله صلى الله عليه وآله عليهم بالنفاق والمروق من الدين وغير ذلك، فانا لله وانا إليه راجعون.
ولا يخفى عليك ان اتهامهم هذا يرد بما شرطوا أيضا في قبول الجرح بأنه إذا كان لعداوة أو لمذهب لا يعتد به.
ثم انهم قد احتجوا بروايات كثير من المجهولين والنصاب والخوارج ومن طعن فيه بالكذب ونحوه، حتى حكى عن الذهبي وابن حجر في كتابيهما (الميزان) و (تهذيب التهذيب) ان البخاري احتج بجماعة في صحيحه مع أنه ضعفهم بنفسه.