مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٢٧
أجمع العقلا كافة على الاخذ والعمل باخبار الثقات، واعتبارها حجة في مقام التعامل والخصومة. ولولا ذلك لما قامت لهم سوق ولاختل نظام أمورهم.
والشريعة الاسلامية قد قررت هذه الطريقة العقلائية وأقرتها، ولم تردع الناس عنها. وتبعا لذلك استقر بنا المسلمين منذ عصر النبي صلى الله عليه وآله إلى زماننا هذا على رغم من رام إمالة الناس عن التحدث بأحاديث الرسول والاحتجاج بخبر الثقات، حتى أنهم اعتبروا تحمل الحديث وحفظه ونقله من أعظم المناصب الدينية وأفضل القربات إلى الله سبحانه، ولذا أكرموا المحدثين غاية الاكرام وأنزلوهم أحسن المنازل، وأسندوا إليهم الوظائف منحوهم الصلات، حتى صارت مجالس املا الحديث على كثرتها من أعظم المجالس اعتبارا وقدرا ومنزلة وشرفا، وقد تنقل الكثير من الشيوخ الحديث ورجالات العلم في الآفاق، وشدوا الرحال إلى كثير من البلاد لاستماع الحديث ونقله وتدوينه.
وكان في طليعة شد الرحال إليهم لذلك من متخلف هو الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، حتى زاد مجموع من نقل عنه على أربعة آلاف رجل كلهم يقول:
حدثني جعفر بن محمد.
ومما تقدم يعلم مدى المكانة العالية والشأن الكبير اللذين كانا للحديث عند المسلمين، ولقد كان له على تنقله احداث التاريخ التأثير الخطير في نفوسهم وتوجيه أمورهم وأحوالهم وفى مسلكهم مع حكوماتهم، مما يعتبر العامل في كثير من الأزمنة في دعم الحكم وتأسيسه، وكذا التدخل في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية وغيرها.
وقد اشتهر بحفظ الحديث جماعة كالبخاري ومسلم وابن ماجة والترمذي والنسائي وأبى داود ومالك واحمد والبيهقي والطبراني وابن عساكر والطيالسي والدارمي والحاكم وابن أبي شيبة والسيوطي وغيرهم من أهل السنة واعلامهم.
وكمؤلفي الأصول الأربعمائة من اعلام القرن الثاني والثالث والكليني صاحب الجامع المعروف بالكافي، والصدوق مولف من لا يحضره الفقيه، والشيخ الطوسي مولف كتابي التهذيب والاستبصار، والبحراني صاحب كتاب العوالم، والمجلسي مولف كتاب بحار الأنوار ، والفيض صاحب كتاب الوافي، والحر العاملي مولف وسائل الشيعة، وغيرهم من الامامية.
كما قد صنف علماء الفريقين كتبا كثيرة وأسفارا ضخمة، سواء في معرفة الرجال والطبقات والتمييز بين المشتركات أم في معرفة الحديث وأقسامه وأنحاء تحمله، ما لو أردنا التكلم حولها لطال بنا المقام، الا اننا طلبا للاختصار نقتصر على ذكر شئ من مصنفات الشيعة في ذلك:
فمن مؤلفاتهم في الرجال: رجال الفضل بن شاذان (ت قبل 260) وطبقات الرجال لأحمد بن محمد بن خالد البرقي (ت 274 أو 280)، ورجال الكشي من اعلام القرن الثالث الموسوم بمعرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين الذي اختصره الشيخ الطوسي
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»