وأعمال الأصول العقلائية اللفظية والعقلية وجواز العمل بالظنون المعتبرة الشرعية، كذا الفصل المكاني أيضا ربما يوجب ذلك، وكما أن شان اجتهاد مجتهد مثل الشيخ والمحقق في استنباط الاحكام يظهر في مثل عصورنا هذه فكذلك يظهر أيضا في عصورهم عليهم السلام عند الاحتياج إلى الاجتهاد الذي لابد منه، ولعل هذا هو المراد من التفقه الذي أمرنا به في عصر الحضور أيضا وقال الصادق عليه السلام فيه (ليت السياط على رؤوس أصحابي حتى يتفقهوا في الحلال والحرام) ولو لم يكن ذلك كله فلا ريب انه بعضه.
وثانيا: انه قال (واجد هناك ورقة مكتوبة فيها ما احتاج إليه من المحاكمة بين المؤمنين فمهما تضمنته الورقة اعمل به) وهذا كلام لا يخلو فهمه لنا من الاشكال، فهل أراد منه انه يحكم بما تضمنته هذه الورقة من غير مطالبة البينة عن المدعى، أو اليمين عما ادعى عليه فيحكم بحكم داود، أو ان الورقة يتضمن احكام القضا مما لم يبين له من ذي قبل، وكيف كان فالظاهر منه ان الرجوع إلى الورقة مختص بالمحاكمة بين المؤمنين.
وثالثا: يمكن انه انما لم ير لغير هؤلاء الخمسة ذكرا عندهم اتفاقا وفى مدة كان هناك، ولا يفهم من ذلك أنه ليس لغيرهم عندهم ذكر مطلقا.
ورابعا: يمكن ان يكون ذلك لان كل واحد من هؤلاء يكون رأسا في طريقته العلمية الخاصة به، أو لغير ذلك، وعلى كل حال، لا يكون مثل ذلك وعدم ذكر مثل المفيد مع جلالة قدره وعظم شانه امارة على الوضع والجعل أصلا.
واما ما ذكر من وجه الوضع من عدم سند معتبر لهما ففيه:
أولا: ان ذلك ليس دليلا لذلك فكيف تحكم يا أيها الشيخ - أدام الله عمرك وبارك فيه - بوضع الحديث لعدم سند معتبر له، فهل تجسر على الحكم بالوضع على جميع المرسلات أو المسندات الضعيفة