مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ١٦
والاجتهاد في الكتاب والسنة، ولا ينبغي ان يكون سببا للتباعد والتنافر والشحناء والبغضاء، والرمي بما هو برئ منه من الكفر والشرك والضلال مع الشهادة بالتوحيد والرسالة.
واما من ناحيته الأخرى التي نبحث عنها في هذا الكتاب على ضوء الأدلة الصحيحة والأحاديث المعتبرة فهي مسالة ترتبط بواقع حياتنا الاسلامية في هذا العصر وفى جميع العصور يجب ان ندرسها ونبحث عنها ونتفهمها ونعين موقفنا منها، لا الاعراض عنها.
وليس فيها ان نظرنا بعين البصيرة والانصاف أقل ما يوجب التباعد، بعد ما كان اختلاف الفقهاء غير عزيز، وبعد ما كان الكتاب والسنة مصدر الجميع في الاستنباط والاجتهاد، بل النظر في هذه المسألة يأتي بالتفاهم والتجاوب، والتقريب بين المذاهب الفقهية، والاخذ بما هو أوفق بالكتاب والسنة، ويوجب تحكيم أساس الفقه كما ستعرف أنشأ الله تعالى.
وقد أقر هذا المبدأ واخذ به جمع من أعيان أهل السنة:
ومنهم الفخر الرازي، فنراه يقدم الاقتداء بأمير المؤمنين علي عليه السلام على غيره من الصحابة، فهو يقول في تفسيره في مسالة الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة:
واما ان علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يجهر بالتسمية فقد ثبت بالتواتر، ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى، والدليل عليه قوله عليه السلام (اللهم أدر الحق مع علي حيث دار).
وقال: اطباق الكل على أن عليا كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم م.
وقال في مقام الاستدلال: الجهر بذكر الله على كونه مفتخرا بذلك الذكر غير مبال بانكار من ينكره، ولا شك ان هذا مستحسن في العقل فيكون في الشرع كذلك. وكان علي بن أبي طالب يقول (يا من ذكره شرف للذاكرين)، ومثل هذا كيف يليق بالعاقل ان يسعى في اخفائه، ولهذا السبب نقل ان عليا رضي الله عنه كان مذهبه الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع الصلوات. وأقول: ان هذه الحجة قوية في نفسي راسخة في عقلي، لا تزول البتة بسبب كلمات المخالفين م‍.
وقال أيضا: ان الدلائل العقلية موافقة لنا، وعمل علي بن أبي طالب عليه السلام معنا، ومن اتخذ عليا إماما لدينه فقد استمسك بالعروة الوثقى في دينه ونفسه ن.
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»