إلا منافق، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام). ينكرون مناقبه ومناقب أهل بيته ويرمون من روى فضائله بالكذب ووضع الحديث، ويعدون ولاء أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) جريمة لا تغتفر، ولكن لو كانت هذه المناقب مروية في شأن أعداء آل النبي (صلى الله عليه وآله) لا يقابلونها بالانكار، وسيما إذا كان رجالها مطعونين بالنصب وقتل المسلمين وأقبح الظلم وأشنع الفسق. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
* * * قرأنا في بعض المجلات (حضارة الإسلام، العدد الخامس من السنة الثامنة عشرة برجب 1397) نقدا من الكاتب محمد حسين، على كتاب للجنرال ا. أكرم، ترجمة الركن صبحي الجابي، فيه موارد هامة من الاشتباه، وقلب الحقائق، من أعظمها الاستناد إلى المنقولات الضعيفة والحكايات الواهية في شأن بدء الوحي وكيفية نزوله، مما لا يناسب شأن الرسالة المحمدية، فيتهم الرسول (صلى الله عليه وآله) بخشيته على نفسه عندما نزل عليه الوحي وجاءه الملك الأمين جبرئيل (عليه السلام) يرى كأنه - والعياذ بالله - لم يحصل له اليقين بما جعل الله على عاتقه، وشرفه به من النبوة والرسالة، فانطلقت به السيدة خديجة أتت به ورقة بن نوفل.
وهذه، وإن كانت رواية البخاري ومسلم في بدء الوحي وكيفية نزوله، إلا انها مردودة عليهما وعلى شيوخهما، لأن شأن الرسول (صلى الله عليه وآله) في المعرفة والادراك كان أنبل وأجل من الشك فيما أوحى الله تعالى به، وأمر الرسالة أيضا أعلى وأنزه من ذلك.
وكيف لا يعرف الرسول (صلى الله عليه وآله) ما تعرفه وتؤمن به السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها وقد كان تحت رعاية الله تعالى قبل البعثة، وخلق الله نوره قبل أن يخلق العالم، مضافا إلى أنه يجب أن يكون إلقاء الوحي والتعيين لهذا المنصب العظيم، سيما الرسالة المحمدية العظمى، على نحو يحصل للمبعوث بها بنفسها اليقين والايمان على أنه بعث إلهي ووحي سماوي. وبالجملة شأن الرسالة وشأن الرسول برئ من خشيته (صلى الله عليه وآله) على نفسه.
اللهم إلا أن يكون المراد خشيته من الله تعالى لعظم ما أمره به وجعله على عاتقه،