الحق، والحق مع علي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة)، و (علي مع القرآن، والقرآن مع علي، لا يفترقان حتى يردا علي الحوض)، وهل الاجتهاد الممنوع في مقابل النص، سوى هذا؟
ففي مسألة كهذه - التي هي من القضايا التي قياساتها معها ومع هذه الوثائق التاريخية، لا يليق بمسلم أن يطلب من غيره الحكم لطرف معين، ويسير في بحثه وتنقيبه سيرا ينتهي به إلى نتيجة معينة قبل البحث، بل يجب أن يطلب من الباحثين، ترك العصبية، وتشجيعهم على حرية التفكير.
والغرض من ذلك كله، أن اختلاف الآراء في مثل هذه المسائل، لا يمنع من التقريب واتحاد المسلمين، ولا يمكن حسم هذه الاختلافات ما دام التاريخ في معرض المطالعة والبحث. فكل من يراجع التاريخ، خاصة في العصر الحاضر، ولم يقنع بتبرئة أم المؤمنين عائشة ومعاوية وعمرو بن العاص ومروان بن الحكم وأضرابهم، بعذر اجتهادهم، لا ينبغي تحميل رأي آخر عليه، ولا ينبغي عتابه على رأي أدى إليه اجتهاده، ولا يجوز هجرانه وترك موالاته. فمن يرى تصويب كل اجتهاد، أو يرى حمل فعل المسلمين على الاجتهاد، ويرى مرتكبي إراقة الدماء المحترمة، وهتك الأعراض، ونهب الأموال في صدر الإسلام، مجتهدين معذورين، يجب عليه أن يرى من نظر في التاريخ، وظهرت له خيانة زيد أو خطأ عمرو، مجتهدا معذورا، بل هذا أولى بالعذر ممن سبقه!.
مقياس صدق الدعوة وأما ما تمسك به في صفحة 35، من أن الناس قد اعتادوا أن يقيسوا صدق الدعوة بكثرة ما أبرزته هذه الدعوة من نماذج رائعة، وسوء النظر إلى الصحابة يضعف تأثير الدعوة وقيمة هذه التعاليم، ويضعف الإيمان بمربيهم وقائدهم، فهذا كلام خطابي شعري، ليست له أية قيمة علمية، وإلا فيدعي ذلك بالنسبة إلى الله تعالى - العياذ بالله - ويستدل على ضعف هدايته وتعاليمه، بقلة من اهتدى بهداه، وعلى قوة إغواء إبليس، بكثرة الكفار وأهل المعاصي، ويستدل لقوة تعاليم بوذا بكثرة مؤيديه.