مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٣٧٦
أو قريبة - بالإسلام والتربية الإسلامية، إلا علاقة التباين والتضاد، وهي بعيدة عنه بعد المشرقين. وتبرئة الذين لم ينس التاريخ خياناتهم وخطيئاتهم، مردودة ومرفوضة عند الباحثين المنصفين.
فليس ما ذكرتم عذرا لتحسين الاعتقاد بهم وتصويب أخطائهم. وقد سبق مثل هذا الكلام من الشيخ نظام الدين عبد الملك المراغي، أفضل علماء الشافعية في عصره، عند مناظرته للعلامة الحلي في المذهب، وقد أفحم آنذاك بالأدلة الساطعة، والبراهين القاطعة التي أقامها العلامة رضوان الله عليه بحيث لم يبق للحاضرين شبهة، وبهت الشيخ وخجل، وأخذ في الثناء على العلامة، وذكر محامده وقال: قوة أدلة هذا الشيخ في غاية الظهور، إلا أن السلف منا سلكوا طريقا، والخلف، لإلجام العوام ورفع شق عصا أهل الإسلام، سكتوا عن زلل أقدامهم، فبالحري أن لا تهتك أسرارهم...
والأخذ بهذه النصيحة إنما يفيد لو لم يسجل التاريخ، ولم تدون كتب الحديث والجوامع والمسانيد والصحاح ما صدر عن بعض الصحابة، ولم يكن صدر من النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) من أقوال في أهل بيته ومناقبهم وفضائلهم.
أما بعد ذلك وبعد مثل أحاديث الثقلين والروايات المتواترة كرواية (الأئمة اثنا عشر) وغيرها، وما حفظ التاريخ من الأحداث والفتن، رغم كونه تحت رقابة السياسة، فإن طلب السكوت وترك البحث والتنقيب، غير ممكنين ولا مجديين.
قبر هارون الرشيد قال رئيس الوفد في الصفحة 15: ولم نعرف أثرا لضريح الخليفة هارون الرشيد الذي دوى اسمه في الآفاق، ونال من الشهرة حظا لم ينله ملك من ملوك المسلمين أو ملوك الشرق، والذي قال لقطعة سحاب مرت على رأسه: إمطري حيث شئت فسيأتيني خراجك.
فإذا كان الأستاذ الندوي يريد من هذا تنبيه القراء بأن الدهر هكذا يفعل بالملوك
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»