مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ١٢٨
للكعبة. وكانت عند هبل سبعة أقداح، كل قدح منها فيه كتاب - إلى أن قال: - كانوا إذا أرادوا أن يجيبوا غلاما، أو أن ينكحوا منكحا، أو أن يدفنوا ميتا، أو يشكوا في نسب واحد منهم، ذهبوا به إلى هبل بمأة درهم وبجزور، فأعطاها صاحب القداح الذي يضربها، ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون، ثم قالوا: يا إلهنا هذا فلان بن فلان، قد أردنا به كذا وكذا، فاخرج الحق فيه، الخ.
وهذا كما ترى يدل على عدم انحصار الاستقسام بالأزلام بمعرفة الخير والشر، بل يعمها ومعرفة الحق عند اختلافهم فكأنهم يحكمونها أو يحكمون الصنم الذي يستقسمون بالأزلام عنده.
وقال القفال: ذكر هذا في جملة المطاعم، لأنه مما أبدعه أهل الجاهلية، وكان موافقا لما كانوا فعلوه في المطاعم، وذلك أن الذبح على النصب إنما كان يقع عند البيت، وكذا الاستقسام بالأزلام كانوا يوقعونه عند البيت إذا كانوا هناك.
وقال بعضهم: وإنما حرم ذلك لأنهم كانوا يحملون تلك الأزلام عند الأصنام. وهذا القول هو اختيار جمهور كما نقل الرازي في تفسيره.
إلا أن سياق الآية يأبى عن ذلك، فإن الله تعالى قال في أول السورة (أحلت لكم بهيمة الأنعام) ثم ذكر استثناء أشياء بقوله تعالى (إلا ما يتلى عليكم). وفي هذه الآية الكريمة ذكر تلك الصورة المستثناة، واستثناء الاستقسام على هذا التفسير من العموم المستفاد من قوله تعالى (أحلت لكم بهيمة الأنعام) مع أنه ليس من المطاعم على هذا القول لا يستقيم، وذكره في جملة المطاعم أيضا ينافي هذا القول وتوجيه القفال بعيد من الظاهر.
القول الثاني: ما نقله الرازي وغيره، وقال: إنه قول المؤرج وكثير من أهل اللغة، وهو أن الاستقسام هو الميسر المنهي عنه، والأزلام، قداح الميسر. وإلى هذا يرجع ما حكى عن مجاهد من أنه كعاب فارس والروم التي كانوا يتقامرون بها، وما حكى عن أبي سفيان بن وكيع من أنه هو الشطرنج.
وهذا القول إن كان راجعا إلى أن الاستقسام هو من افراد الميسر المنهي عنه، يرجع إلى القول الثالث المروى عن أهل البيت الطاهرة (عليهم السلام)، وإن كان المراد منه تفسير
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»