كربلاء، وتكونت لدي القناعة بضرورة الوقوف على تفاصيل تلك المذبحة، ونذرت جزءا من وقتي لهذا الموضوع، وبدأت أقرأ، وأجمع، وأخزن، لهذه الغاية، وكلما زرت مقام السيدة زينب في ضواحي مدينة دمشق، كنت استعرض صور المأساة، وتتعمق وتتأصل وتتجدد فكرة الكتابة عن كربلاء، وكلما طرحت الفكرة أمام بعض العلماء الأفاضل الذين أحبهم وأثق بدينهم وعمق ولائهم لأهل بيت النبوة، والذين عرفوني، واطلعوا على مؤلفاتي، وجدت التشجيع على ذلك، وقالوا: إن ثقافتي في مجال الفكر السياسي ستجعل من كتابتي، في هذا الموضوع عملا فريدا مميزا.
وعندما طبع كتابي التاسع (مساحة للحوار) (1) استعنت بالله، وشمرت عن ساعدي، وبدأت كتابة هذا البحث، بلغة العصر وروحه، وكانت فترة كتابته من أقسى وأكثر فترات عمري حزنا على الإطلاق، فقد كنت أنفعل مع الأحداث وأبكي مرات عديدة يوميا، وأي إنسان لا تبكيه فصول مأساة كربلاء!!.
وقد دخلت إلى البحث من أربعة جهات، وسميت كل جهة بابا، ثم فتحت من كل جهة مجموعة من المسارب والطرق سميتها فصولا.
ففي الباب الأول: حشدت بمنهجية علمية كل المعلومات التي تعرف القارئ الكريم بالفئتين اللتين تواجهتا في كربلاء، من هما، عددهما، قادتهما، أركان قيادتهما، والمواقف النهائية لكل فئة وذلك من خلال أربعة فصول.
في الباب الثاني: فقد بينت دور الأمة وموقفها من مذبحة كربلاء من خلال أربعة فصول، غطت بالكامل كل ما يتعلق بهذا الموضوع.
وفي الباب الثالث: عالجت الأسباب التي أدت لانتفاضة الإمام الحسين وثورته وقادت لمذبحة كربلاء، وذلك عبر خمسة فصول.
أما الباب الرابع: فتحدثت فيه عن المواجهة العسكرية في كربلاء والنتائج