السلام وصفا دقيقا لحركتهم، ولذلك ندرس فقراته. والمرجح عندي أنه يتعلق بحديث النبي صلى الله عليه وآله المذكور أو بشبيه له، وان لم يصرح بذلك الإمام الباقر عليها لسلام، فقد صرح هو والأئمة من أهل البيت عليهم السلام بأن حديثهم دائما عن آبائهم عن جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله.
" كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق " يدل على أن هذا الحدث من وعد الله المقدر المحتوم، وهكذا كل ما عبر عنه النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (ع) ب " كأني بالشئ الفلاني أو الامر الفلاني قد حدث " يدل على حتميته ووضوحه في أذهانهم، ويقينهم به حتى كأنهم يرونه. بل يدل على رؤيتهم له بالبصيرة التي خصهم الله بها والمتناسبة مع مقام النبي صلى الله عليه وآله ومقام أهل بيته (ع).
كما يدل على أن حركة الإيرانيين هذه تكون عن طريق الثورة، لأنه المفهوم من قوله " قد خرجوا " أي ثاروا.
" يطلبون الحق فلا يعطونه، ثم يطلبونه فلا يعطونه. فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم، فيعطون ما سألوا فلا يقبلون، حتى يقوموا. ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم ".
وهذا التسلسل في حركة الإيرانيين، يمكن تفسيره بحركتهم في ثورة " المشروطة " قبل نحو ثمانين سنة، حيث طالبوا بأن يكون لعدد من الفقهاء حق الاشراف على القوانين، وحق النقض لما خالف منها أحكام الاسلام. فأعطوا ذلك شكليا في دستور 1096 م ولم يعطوه واقعيا. ثم طالبوا به في حركة آية الله كاشاني والدكتور مصدق 1951 م فلو يعطوه، وتمكنت أمريكا أن تهزم الثورة وتعيد الشاه الذي كان فر من إيران كما هو معروف. فلما رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم في ثورة الامام الخميني مستعدين للتضحية، وواصلوا تظاهراتهم المليونية ومقاومتهم واصرارهم، فأعطاهم الشاه وأمريكا ما كانوا سألوا، وعرض عليهم أن يقبلوا بتطبيق ما نص عليه دستور 1906 من اشراف ستة من الفقهاء على قوانين البلاد،