صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ١٠٩
اليه - فخرج بذلك من الايثار الذي يؤخذ عليه، إذا كان في هذا الايثار تبعة يخاف منها على مصلحة الموقف. وأصبحت القيادة - على هذا الأسلوب - شورى بين ثلاثة، هم أليق رجاله لها. اما تقديم قيس على صاحبيه وعلى غيرهما من صحابة وزعماء، وايثاره بالقيادة وحده فقد كان - في حينه - مظنة لتنافس الأكفاء الآخرين الذين كان يلفهم جناح هذا الجيش. وفي هؤلاء الشخصيات المعروفة في قيادتها الميادين وفي اخلاصها وجهادها وسوابقها، أمثال أبي أيوب الأنصاري وحجر بن عدي الكندي وعدي بن حاتم الطائي وأضرابهم، ممن مر ذكرهم.
لذلك كان تقديم ابن عم الامام، بل ابن عم النبي صلى الله عليه وآله، وتعيينه " اسما " ثم الاستفادة من رأي قيس وصاحبه على الأسلوب الذي ذكرنا، تخلصا لبقا، لا ينبغي الخلاف فيه، ولا التنافس عليه.
وثانيها: انه كان من الاحتياطات الرائعة للوضع العام يوم ذاك، أن لا يكون القائد في جبهة الحسن الا هاشميا.
وتفسير ذلك، أن سورة التخاذل التي دارت مع قضية الحسن في الكوفة، كانت لا تزال نذيرة تشاؤم كثير في حساب الحسن (ع)، وكان عليه أن يتخذ من التدابير الممكنة كل ما يدفع عنه - في حاضره وفي مستقبله - لوم الناس وتخطئتهم ونقدهم. ومن السهل على الناس أن يتسرعوا إلى التخطئة والنقد متى وجدوا موضعا للضعف أو منفذا إلى الفشل والحرمان. وكان من المنتظر ان يقولوا فيما لو فشلت قضية الحسن في مسكن أنه لو كان القائد من أهله لكان أولى من غيره بالصبر على المكاره وتحمل العظائم، ولما آل الامر إلى هذا المآل.
فكان الاستعداد لغوائل الوضع الراهن بتعيين القائد الهاشمي، تدبيرا دقيق الملاحظة.
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 114 115 116 ... » »»