وثالثها: أنه لن يكون انسان آخر غير عبيد الله بن عباس - لا قيس ولا ابن قيس ولا غيرهما - أشد حنقا ولا أعنف تألبا على معاوية منه كأب قتل ولداه (الصبيان) صبرا، فيما أملته فاجعة بسر بن أرطأة يوم غارته على اليمن [والقضية من مشهورات التاريخ].
فكان من الاستغلال المناسب جدا، اختيار هذا القائد الحانق لقتال قاتل ولديه.
ورابعها: أن جيش " المقدمة " الذي ولي قيادته عبيد الله هذا، كان أكثره من بقايا الجيش الذي أعده أمير المؤمنين عليه السلام في الكوفة لحرب أجناد الشام، ثم توفي عنه. وكان قيس بن سعد بن عبادة هو قائد (1) ذلك الجيش في زمن أمير المؤمنين (ع) والقائم على مداراته. ولهذه السوابق أثرها في تونيق الروابط الشخصية بين القائد والمقود. وكان من السهل على القائد النافذ في جنوده، أن يجنح - متى شاء - إلى حرية التصرف التي لا تعبر عن اتصال ايجابي بالمركز الاعلى، وهو ما كان يجب التحفظ منه، كأهم عنصر في الموقف.
وعلى أننا نحترم سيدنا قيسا كما يجب له الاحترام، ولكننا لا ننكر قابلياته الشخصية التي تجوز عليه هذا اللون من حرية التصرف.
ولا ننسى أنه وقف بين صفوفه - يوم رجعت له قيادة هذا الجيش في مسكن - يخيرهم بين الالتحاق بالامام على الصلح، وبين الاستمرار على حرب معاوية بلا امام!!..
فأي احتياط كان أحسن من جعل القيادة في غير هذا الرجل وجعله - مع ذلك - المستشار العسكري للاستفادة من كفاءاته ودهائه، وهو ما فعله الامام الحسن تنفيذا لافضل الرأيين.
أقول: ولا يضير هذه السياسة، تعيين قيس للخلافة على القيادة بعد