صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ١٠٤
فارس معرض الانتفاضات الخطرة على الدولة. وكان عليها من قبل الامام " زياد بن عبيد " ولما يطبع - بعد - على صفحته المقلوبة التي غيرت منه كل شئ.
واما " مسكن " فقد كانت النقطة الحساسة في تاريخ جهاد الحسن (ع) لأنها الميدان الذي قدر له ان يقابل العدو وجها لوجه. وهي إذ ذاك أقصى الحدود الشمالية للعراق الهاشمي، أو المناطق الخاضعة لحكومة الكوفة من هذه الجهة. وكان في أراضي مسكن مواطن معمورة بالمزارع والسكان وقرى كثيرة مشهورة - منها " أوانا " و " عكبرا " ومنها " العلث " وهي آخر (1) قراها الشمالية، وكان بإزائها قرية " الجنوبية " وهي التي انحدر إليها معاوية بجيوشه منذ غادر " جسر منبج ". والتقى عندها الجمعان.
والمفهوم ان موقع مسكن اليوم لا يعدو هذه السهول الواسعة الواقعة بين قرية " سميكة " وقرية " بلد " دون سامراء.
ولمسكن طبيعتها الغنية بخيراتها الكثيرة ومشارعها القريبة وسهولها الواسعة، فكانت - على هذا - الموقع المفضل للنزال والحروب، وكانت لأول مرة في تاريخها ميدان الحسن ومعاوية في زحفهما هذا، ثم تبودلت فيها بعد ذلك وقائع كثيرة بين العراق والشام.
* * * ورأى الحسن عليه السلام أن يتخذ من المدائن - بما لموقعها من الأهمية العسكرية - مقرا لقيادته العليا. ليستقبل عندها نجدات جيوشه من الأقطار الثلاث القريبة منه، ثم ليكون من وراء ميدانه الذي ينازل به معاوية وأهل الشام في " مسكن ". وليس بين المعسكرين الهاشميين في - المدائن ومسكن - أكثر من خمسة عشر فرسخا.

(1) قال الماوردي في الاحكام السلطانية - على رواية الحموي -: " والعلث هو أول العراق من هذه الجهة ". أقول: ويقع العلث بين عكبرا وسامراء. وعكبرا قرية من نواحي دجيل قرب " أوانا ".
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»