صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ١٠٨
تعوزها النظم العسكرية التي نعرفها اليوم - أن تكون أهم عناصر القوة المرجوة للأيام السود. وجاءت جملا متعاطفة أربعا يؤكد بعضها بعضا، ثم هي لا تعني الا معنى واحدا. ترى فهل لنا أن نستفيد، من هذا القصد العامد إلى التأكيد، أنها كانت تحاول بتكرارها " المؤكد "، استئصال خلق خاص في عبيد الله [القائد الجديد]؟. وفي الجيش - معه - أعلام من سراة الناس، ومن ذوي السوابق والذكريات المجيدة، الذين لا يهضمون الخلق المزهو ولا الخشونة الآمرة الناهية في الفتى الهاشمي الذي لا يزيدهم كفاءة، ولا يسبقهم جهادا، ولا يفضلهم تقوى، ولا يكبرهم سنا (1).
وقوله له - بعد ذلك -: " وشاور هذين " دليل آخر على القصد على تذليل خلق صعب، ربما كان يعهده الامام في ابن عمه، وربما كان يخافه كعائق عن النجاح.
أقول: وليس من وجود الخلق المخشوشن في عبيد الله - إذا صدق الظن - ما يعيقه عن استحقاق القيادة، وقد استدعته إليها ظروف كثيرة أخرى، على أن بين الخشونة والحياة العسكرية أواصر رحم متينة الحلقات في القديم والحديث.
* * * وفي هذه المناسبة ما يفسح المجال للتساؤل عن الحيثيات التي آثر بها الامام الحسن عليه السلام عبيد الله بن عباس للقيادة على مقدمته، وفي الجيش مثل (قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري) الرجل المعترف بكفاءاته العسكرية وبإخلاصه الصحيح لأهل البيت عليهم السلام وبأمانته.
وللجواب على هذا السؤال، وجوه:
أولها: أن الحسن حين أراد عبيد الله للقيادة على " المقدمة " فرض عليه استشارة كل من قيس بن سعد وسعيد بن قيس - كما هو صريح عهده

(1) كان عبيد الله بن عباس يوم قيادته لهذا الجيش في التاسعة والثلاثين من عمره.
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 114 115 ... » »»