صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ١٠١
بنت نبيكم؟. أين خطباء المصر الذين ألسنتهم كالمخاريق في الدعة، فإذا جد الجد، راوغوا كالثعالب؟. أما تخافون مقت الله ولا عيبها وعارها؟ ".
ثم استقبل الحسن بوجهه فقال:
" أصاب الله بك المراشد، وجنبك المكاره، ووفقك لما يحمد ورده وصدره. وقد سمعنا مقالتك، وانتهينا إلى أمرك، وسمعنا لك، وأطعنا فيما قلت ورأيت ".
قال: " وهذا وجهي إلى معسكرنا، فمن أحب أن يوافي فليواف ".
ثم خرج من المسجد، ودابته بالباب، فركبها ومضى إلى النخيلة، وأمر غلامه أن يلحقه بما يصلحه. وكان المثل الأول للمجاهد المطيع، وهو إذ ذاك أول الناس عسكرا (1). وفي طيء الف مقاتل لا يعصون لعدي أمرا (2).
ونشط - بعده - خطباء آخرون، فكلموا الحسن بمثل كلام عدي بن حاتم، فقال لهم الحسن عليه السلام: " رحمكم الله ما زلت أعرفكم بصدق النية، والوفاء، والمودة. فجزاكم الله خيرا ".
واستخلف الحسن على الكوفة - ابن عمه - المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وأمره باستحثاث الناس للشخوص اليه في النخيلة.
وخرج هو بمن معه، وكان خروجه لأول يوم من اعلانه الجهاد أبلغ حجة على الناس في سبيل استنفارهم.
وانتظمت كتائب النخيلة خيار الأصحاب من شيعته وشيعة أبيه وآخرين من غيرهم. ونشط المغيرة بن نوفل لاستحثاث الناس إلى الجهاد وكان من المنتظر للعهد الجديد - الذي قوبل بالمهرجانات القوية في أسبوع البيعة، أن لا يتأخر أحد بالكوفة عن النشاط المتحمس لإجابة دعوة الامام. ولكن شيئا من ذلك لم يقع!. وحتى السرايا الجاهزة التي كان أمير المؤمنين

(1) شرح النهج (ج 4 ص 14).
(2) اليعقوبي (ج 2 ص 171).
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»