صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٢
وكان إذا حج وطاف بالبيت، يكاد الناس يحطمونه مما يزدحمون للسلام عليه. (عليه السلام).
* * * وفاته:
وسقي السم مرارا - كما سنأتي على تفصيله عند البحث على الوفاء بشروط الصلح -. وأحس بالخطر في المرة الأخيرة، فقال لأخيه الحسين عليه السلام: " اني مفارقك ولاحق بربي، وقد سقيت السم، ورميت بكبدي في الطست، واني لعارف بمن سقاني السم ومن أين دهيت، وأنا أخاصمه إلى الله عز وجل ". ثم قال: " وادفني مع رسول الله (ص) فاني أحق به وببيته (1). فان أبوا عليك، فأنشدك الله بالقرابة التي قرب الله عز وجل منك، والرحم الماسة من رسول الله ان لا تهريق في أمري محجمة من دم، حتى نلقى رسول الله صلى الله عليه وآله فنختصم اليه، ونخبره بما كان من الناس الينا ".

(1) اما كونه أحق به، فلانه ابنه وبضعته، بل هو بعضه، ولا أحق من الابن بالأب، ولا من البعض بالكل.
واما كونه أحق ببيته، فلأنه وارثه الشرعي من أمه الصديقة الطاهرة عليها السلام الوارثة الوحيدة من أبيها (صلى الله عليه وآله). وانها لترثه كما ورث سليمان داود. وما من مخصص لعمومات الميراث..
وكانت صيغة التفضيل هنا تعني المفضولين أبا بكر وعمر فيما استأثرا به من الدفن في حجرة رسول الله (ص) بما لابنة كل منهما من الحق في هذه الحجرة. ودل ذلك على رأيهما في صحة ارث الزوجة من العقار. والمسألة لا تزال محل الخلاف بين فقهاء الاسلام إلى يوم الناس. وكان لكل من عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر في حجرة رسول الله التي دفن فيها - بناء على صحة ارثهما كزوجتين - سهم واحد من اثنين وسبعين سهما لأنهما ثنتان من تسع. وللتسع كلهن الثمن يتقاسمنه على هذه النسبة. اما سعة الحجرة المقدسة، فمما لا نعلمه الآن على التحقيق، فلتكن واسعة بحيث تكفي لاثنين وسبعين قبرا، والا فليكن ورثة الصديقة الطاهرة قد أذنوا لأبي بكر وعمر بالدفن فيها. والا فماذا غير ذلك. وعلينا ان نعترف للحسن (ع) بأنه كان الأحق برسول الله وببيته.
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 37 38 39 ... » »»