صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٤٥
وما نحن بالذاكرين شيئا منها هنا، لأنا لا نريد ان نتصل بهذه البحوث، في سطورنا هذه، الا بمقدار ما تتصل هي بالصميم من موضوعنا.
* * * وعلمنا ان الرشاقة السياسية البارعة التي ربحت الموقف بعد وفاة رسول الله (ص) في لحظات، والتي سماها كبير من أقطابها " بالفلتة " وسماها معاوية " بالابتزاز للحق والمخالفة على الامر (1) "، كانت بنجاحها الخاطف دليلا على سبق تصميم في الجماعات التي وليت الحل والعقد هناك. فكان من السهل ان نفهم من هذا التصميم " اتجاها خاصا " نحو العترة من آل محمد (ص) له اثره في حينه، وله آثاره بعد ذلك.
فكانوا المغلوبين على امرهم، والمقصين - عن عمد - في سائر التطورات البارزة التي شهدها التاريخ يومئذ (2).
فلا الذي عهد بالخلافة قدمهم. ولا الذي حصر الخليفة في الثلاثة من الستة أنصفهم. ولولا رجوع الاختيار إلى الشعب نفسه مباشرة، بعد حادثة الدار، لما كان للعترة نصيب من هذا الامر على مختلف الادوار.

(1) تجد ذلك صريحا فيما كتبه معاوية لمحمد بن أبي بكر. قال: " كان أبوك وفاروقه أول من ابتزه - يعني عليا عليه السلام - حقه وخالفه على امره. على ذلك اتفقا واتسقا، ثم انهما دعواه إلى بيعتهما فأبطأ عنهما وتلكأ عليهما، فهما به الهموم وأرادوا به العظيم. ثم انه بايع لهما وسلم لهما. وأقاما لا يشركانه في أمرهما، ولا يطلعانه على سرهما حتى قبضهما الله.. - ثم أردف قائلا -: فان يك ما نحن فيه صوابا، فأبوك استبد به ونحن شركاؤه، ولولا ما فعل أبوك من قبل، ما خالفنا ابن أبي طالب ولسلمنا اليه، ولكنا رأينا أباك فعل ذلك به من قبلنا واخذنا بمثله ".. اه المسعودي على هامش ابن الأثير (ج 6 ص 78 - 79).
(2) ونجد في كلمات أمير المؤمنين (ع) شواهد كثيرة على ذلك. قال: " فوالله ما زلت مدفوعا عن حقي مستأثرا علي منذ قبض الله نبيه حتى يوم الناس هذا ". وقال: اللهم اني أستعديك على قريش ومن أعانهم، فإنهم قطعوا رحمي وصغروا عظيم منزلتي واجمعوا على منازعتي أمرا هو لي..
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»