مكان استعراضها. ولسنا الآن بصدد مناقشة المتأولين أو مساجلة المتعبدين، لان كل شئ مما نتفق عليه معهم جميعا، أو مع فريق واحد منهم، أو مما نختلف فيه قد تم في حينه على صورته. وليس فيما تتناوله بحوثنا الآن ما يستطيع ان يغير الواقع عن واقعه.
ولكنا - ولنلتمس المعاذير للمتأولين - على مخالفتهم لنصوص نبيهم نقول: انهم نظروا إلى هذه النيابة عن الوحي التي جعلها رسول الله (ص) للكتاب وللعترة من بعده، في حديثه هذا وفي نظائره الكثيرة من الأحاديث الأخرى، نظرتهم السياسية التي لا تعني الانكار على رسول الله، ولكنها تهدف - قبل كل شئ - إلى " المصلحة " فيما يرون، ورأوا ان وجوب إطاعة الأوامر النبوية في الموضوعات السياسية، منوط بذوي التجارب من الشيوخ المتقدمين بالسن. فان صادقوا على ما أراده النبي فذاك، والا فليكن ما أرادوا هم.
وهكذا زويت الخلافة عن العترة. وهكذا صار من الممكن وربما من المستحسن لدى فريق عظيم من مسلمة محمد (صلى الله عليه وآله)، ان يصبح معاوية أيضا ممن ينازع على خلافة الاسلام ويطلبها لنفسه، ويحتج عليها بالسن (1) أيضا، ويصادق عليها الشيوخ المسنون أيضا كعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وأبي هريرة الدوسي. ولم تكن حملة معاوية هذه بما فيها من استخفاف بقدسية الاسلام، الأولى من نوعها، ولكنها كانت تمتد بجذورها إلى عهد أقدم، والى تصالح وتعاون أسبق، ومن طراز أسمى (2).
ولم يبق مخفيا ان الحجر الأساسي لهذا التدهور غير المنتظر، كان هو الذي بني هناك في المدينة المنورة، وقامت عليه سقيفة بني ساعدة بما