صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٩
وأعطى شاعرا فقال له رجل من جلسائه: " سبحان الله أتعطي شاعرا يعصي الرحمن ويقول البهتان! ". فقال: " يا عبد الله ان خير ما بذلت من مالك ما وقيت به عرضك، وان من ابتغاء الخير اتقاء الشر ".
وسأله رجل فأعطاه خمسين الف درهم وخمسمائة دينار وقال له: " ائت بحمال يحمل لك ". فأتى بحمال، فأعطاه طيلسانه، وقال: " هذا كرى الحمال ".
وجاءه بعض الاعراب. فقال: " أعطوه ما في الخزانة! ". فوجد فيها عشرون الف درهم. فدفعت اليه، فقال الاعرابي: " يا مولاي، ألا تركتني أبوح بحاجتي، وانشر مدحتي؟ ". فأنشأ الحسن يقول:
نحن أناس نوالنا خضل * * * يرتع فيه الرجاء والأمل تجود قبل السؤال أنفسنا * * * خوفا على ماء وجه من يسل وروى المدائني قال: " خرج الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر حجاجا ففاتتهم أثقالهم، فجاعوا وعطشوا، فرأوا عجوزا في خباء فاستسقوها فقالت: هذه الشويهة احلبوها، وامتذقوا لبنها، ففعلوا. واستطعموها، فقالت: ليس الا هذه الشاة فليذبحها أحدكم. فذبحها أحدهم، وكشطها. ثم شوت لهم من لحمها فأكلوا. وقالوا عندها، فلما نهضوا، قالوا: نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه، فإذا عدنا فألمي بنا، فانا صانعون بك خيرا. ثم رحلوا فلما جاء زوجها، أخبرته فقال: ويحك تذبحين شاتي لقوم لا تعرفينهم، ثم تقولين: نفر من قريش. ثم مضت الأيام، فأضرت بها الحال، فرحلت حتى اجتازت بالمدينة، فرآها الحسن (ع) فعرفها، فقال لها: أتعرفينني؟ قالت: لا. قال: أنا ضيفك يوم كذا وكذا، فأمر لها بألف شاة والف دينار، وبعث بها إلى الحسين (ع) فأعطاها مثل ذلك، ثم بعثها إلى عبد الله بن جعفر فأعطاها مثل ذلك ".
وتنازع رجلان، هاشمي وأموي. قال هذا: " قومي اسمح ". وقال
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»