صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٨
قال ابن الزبير فيما رواه ابن كثير (ج 8 ص 37): " والله ما قامت النساء عن مثل الحسن بن علي ".
وقال محمد بن اسحق: " ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ما بلغ الحسن بن علي. كان يبسط له على باب داره فإذا خرج وجلس انقطع الطريق، فما يمر أحد من خلق الله اجلالا له، فإذا علم قام ودخل بيته فيمر الناس ".
ونزل عن راحلته في طريق مكة فمشى، فما من خلق الله أحد الا نزل ومشى حتى سعد بن أبي وقاص، فقد نزل ومشى إلى جنبه.
وقال مدرك بن زياد لابن عباس، وقد امسك للحسن والحسين بالركاب وسوى عليهما ثيابهما: " أنت أسن منهما تمسك لهما بالركاب؟ ". فقال: " يا لكع! وما تدري من هذان، هذان ابنا رسول الله، أوليس مما أنعم الله علي به ان امسك لهما وأسوي عليهما! " وكان من تواضعه على عظيم مكانته انه مر بفقراء وضعوا كسيرات على الأرض، وهم قعود يلتقطونها ويأكلونها، فقالوا له: " هلم يا ابن رسول الله إلى الغداء! " فنزل وقال: " ان الله لا يحب المتكبرين ". وجعل يأكل معهم. ثم دعاهم إلى ضيافته فأطعمهم وكساهم.
وكان من كرمه انه اتاه رجل في حاجة، فقال له: " اكتب حاجتك في رقعة وارفعها الينا ". قال: فرفعها اليه فأضعفها له، فقال له بعض جلسائه: " ما كان أعظم بركة الرقعة عليه يا ابن رسول الله! ". فقال: " بركتها علينا أعظم، حين جعلنا للمعروف أهلا. أما علمت ان المعروف ما كان ابتداء من غير مسألة، فاما من أعطيته بعد مسألة، فإنما أعطيته بما بذل لك من وجهه. وعسى ان يكون بات ليلته متململا أرقا، يميل بين اليأس والرجاء، لا يعلم بما يرجع من حاجته أبكآبة الرد، أم بسرور النجح، فيأتيك وفرائصه ترعد وقلبه خائف يخفق، فان قضيت له حاجته فيما بذل من وجهه، فان ذلك أعظم مما نال من معروفك ".
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»