صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٤٨
أتي به إلى زياد فقال له: " ما قال لك خليلك - يعني عليا عليه السلام - انا فاعلون بك؟ "، قال: " تقطعون يدي ورجلي وتصلبونني "، فقال زياد: " أما والله لأكذبن حديثه، خلوا سبيله ". فلما أراد أن يخرج، قال: " ردوه، لا نجد لك شيئا أصلح مما قال صاحبك، انك لن تزال تبغي لنا سوءا ان بقيت، اقطعوا يديه ورجليه "، فقطعوها وهو يتكلم!، فقال: " أصلبوه خنقا في عنقه "، فقال رشيد: " قد بقي لي عندكم شئ ما أراكم فعلتموه "، فقال زياد: " اقطعوا لسانه "، فلما أخرجوا لسانه قال: " نفسوا عني حتى أتكلم كلمة واحدة "، فنفسوا عنه فقال: " هذا والله تصديق خبر أمير المؤمنين، أخبرني بقطع لساني ".
وأخرج من القصر مقطعا، فاجتمع الناس حوله، ومات من ليلته رضوان الله عليه.
قالت ابنته: " قلت لأبي: ما أشد اجتهادك! "، قال: " يا بنية يأتي قوم بعدنا بصائرهم في دينهم أفضل من اجتهادنا ".
وقال لها: " يا بنيتي أميتي الحديث بالكتمان، واجعلي القلب مسكن الأمانة (1) ".
* * *

(1) سفينة البحار (ج 1 ص 522).
5 - جويرية بن مسهر العبدي قال ابن أبي الحديد: " ونظر اليه علي عليه السلام يوما فناداه: يا جويرية الحق بي فاني إذا رأيتك هويتك، ثم حدثه بأمور سرا، وفي آخر ما حدثه قال: يا جويرية أحب حبيبنا ما أحبنا فإذا أبغضنا فأبغضه، وابغض بغيضنا ما أبغضنا فإذا أحبنا فأحبه. وكان من اختصاصه بعلي عليه السلام ما روى انه دخل يوما عليه وهو عليه السلام مضطجع، وعنده قوم من أصحابه، فناداه جويرية: أيها النائم استيقظ فلتضربن على رأسك ضربة تخضب منها لحيتك. قال: فتبسم أمير المؤمنين عليه السلام، ثم
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»