صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٤٧
على غيره ممن قتلهم معاوية من الشيعة، أن الحضرمي هذا كان أبعدهم عن الدنيا وأقربهم إلى حياة الرهبنة التي لا توهم أي خطر على سياسة الملك. قالوا: " وعلم معاوية ما كان عليه ابن يحيى وأصحابه من الحزن لوفاة علي أمير المؤمنين، وحبهم إياه، وإفاضتهم في ذكره وفضله، فجاء بهم وضرب أعناقهم صبرا. ومن أنزل راهبا من صومعته فقتله بلا جناية منه إلى قاتله أعجب ممن يخرج قسا من دير فيقتله، لأن صاحب الدير أقرب إلى بسط اليد لتناول ما معه من صاحب الصومعة الذي هو بين السماء والأرض، فتقديم الحسن - فيما عدده على معاوية من الذنوب - العباد على العباد، والزهاد على الزهاد، ومصابيح البلاد على مصابيح البلاد، لا يتعجب منه، بل يتعجب لو قدم في الذكر مقصرا على مخبت ومقتصدا على مجتهد (1) ".
وفاجعة (عبد الله بن يحيى) أشبه بفاجعة حجر بن عدي، وكلاهما قتلا صبرا، وكلاهما قتل معهما أصحاب، وكلاهما أخذا بغير ذنب الا الذنب الذي هو عنوان فضيلتهما.
* * *

_ (1) البحار (ج 10 ص 102).
4 - رشيد الهجري (2) تلميذ علي عليه السلام، وصاحبه المنقطع اليه، والعالم المعترف له بعلم البلايا والمنايا، يروي عنه ناس كثيرون، ولكنهم جميعا سكتوا عن اسمه خوف السلطان الأموي، فلم ترو عنه علنا الا ابنته الوحيدة التي كانت قد حضرت مقتله، وهي التي جمعت أطرافه - يديه ورجليه - وقد قطعها ابن سمية!.
قالت تسأله حين قطعت أطرافه: " يا أبت هل تجد ألما لما أصابك؟ فقال: " لا يا بنيتي الا كالزحام بين الناس! ".
(2) رشيد [بالتصغير] وهجري (بفتح أولية) نسبة إلى بلاد الهجر - البحرين -.
(٣٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 ... » »»