على غيره ممن قتلهم معاوية من الشيعة، أن الحضرمي هذا كان أبعدهم عن الدنيا وأقربهم إلى حياة الرهبنة التي لا توهم أي خطر على سياسة الملك. قالوا: " وعلم معاوية ما كان عليه ابن يحيى وأصحابه من الحزن لوفاة علي أمير المؤمنين، وحبهم إياه، وإفاضتهم في ذكره وفضله، فجاء بهم وضرب أعناقهم صبرا. ومن أنزل راهبا من صومعته فقتله بلا جناية منه إلى قاتله أعجب ممن يخرج قسا من دير فيقتله، لأن صاحب الدير أقرب إلى بسط اليد لتناول ما معه من صاحب الصومعة الذي هو بين السماء والأرض، فتقديم الحسن - فيما عدده على معاوية من الذنوب - العباد على العباد، والزهاد على الزهاد، ومصابيح البلاد على مصابيح البلاد، لا يتعجب منه، بل يتعجب لو قدم في الذكر مقصرا على مخبت ومقتصدا على مجتهد (1) ".
وفاجعة (عبد الله بن يحيى) أشبه بفاجعة حجر بن عدي، وكلاهما قتلا صبرا، وكلاهما قتل معهما أصحاب، وكلاهما أخذا بغير ذنب الا الذنب الذي هو عنوان فضيلتهما.
* * *