صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٤٩
قال: وأحدثك يا جويرية بأمرك، أما والذي نفسي بيده لتعتلن (1) إلى العتل الزنيم، فليقطعن يدك ورجلك وليصلبنك تحت جذع كافر! قال: فوالله ما مضت الأيام على ذلك حتى أخذ زياد جويرية فقطع يده ورجله، وصلبه إلى جانب جذع ابن معكبر، وكان جذعا طويلا، فصلبه على جذع قصير إلى جانبه ".
أقول: وروى هذا الحديث أيضا حبة العرني رحمه الله. وزاد قوله: " وكان زياد ابن أبيه ممن نصب العداوة لأمير المؤمنين عليه السلام وكان يتتبع أصحاب علي وهو بهم أبصر فيقتلهم تحت كل حجر ومدر ".
* * * 6 - أوفى بن حصن أحد فرائس الظلم الأموي. طلبه زياد فأبى مواجهته، واستعرض زياد الناس فمر به فقال: " من هذا؟ " فقيل له: " أوفى بن حصن "، فقال زياد: " أتتك بخائن رجلاه "، وقال له: " ما رأيك في عثمان؟ " قال: " ختن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ابنتيه " قال: " فما تقول في معاوية؟ " قال: " جواد حليم ".
وكان أوفى لبقا في لغته وأسلوبه فلم يجد عليه زياد ملزما.
وعاد عليه فقال له: " فما تقول في؟ " قال: " بلغني أنك قلت بالبصرة: والله لآخذن البريء بالسقيم والمقبل بالمدبر "، قال: " قد قلت ذاك (2) " قال: " خبطتها خبط عشواء! ".
أقول: وكان من لباقة هذا الرجل الحصيف أنه تدرج في أجوبته لزياد - كما ترى - إلى طريقة حكيمة من الوعظ حاول بها تنبيهه إلى أخطائه. ولا تنس أنه كان يقف من عدوه ساعتئذ بين النطع والسيف،

(1) عتله: جذبه - والعتل - الجافي الغليظ - والزنيم: الدعي.
(2) روى خطبته أكثر المؤرخين، وروينا هذا الفصل منها في هوامش الفصل الحادي عشر.
(٣٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 355 ... » »»