صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٤٥
" ثم لم يزل عمرو [فيما يروي الطبري] خائفا مترقبا حتى كانت حادثة حجر بن عدي الكندي فأبلى فيها بلاء حسنا وضربه رجل من الحمراء - شرطة زياد - يدعى بكر بن عبيد بعمود على رأسه فوقع وحمله الشيعة فخبأه في دار رجل من الأزد، ثم خرج فارا وصحبه الزعيم الآخر [رفاعة بن شداد] فيما المدائن ثم ارتحلا حتى أتيا ارض الموصل فكمنا في جبل هناك، واستنكر عامل ذلك الرستاق شأنهما فسار اليهما بالخيل، فأما عمرو فلم يصل الموصل الا مريضا بالاستسقاء، ولم يكن عنده امتناع. واما رفاعة بن شداد - وكان شابا قويا - فوثب على فرس له جواد، وقال لعمرو: أقاتل عنك، قال: وما ينفعني ان تقاتل، انج بنفسك ان استطعت. فحمل عليهم فأفرجوا له، فخرج تنفر به فرسه، وخرجت الخيل في طلبه - وكان راميا - فأخذ لا يلحقه فارس الا رماه فجرحه أو عقره فانصرفوا عنه. وسألوا عمرا: من أنت؟ فقال: من ان تركتموه كان أسلم لكم، وان قتلتموه كان أضر لكم!. فسألوه فأبى ان يخبرهم، فبعث به ابن أبي بلتعة، عامل الرستاق، إلى عامل الموصل، وهو (عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان الثقفي)، فلما رأى عمرو بن الحمق عرفه، وكتب إلى معاوية بخبره، فأمره معاوية بأن يطعنه تسع طعنات كما كان فعل بعثمان فطعن ومات بالأولى منهن أو الثانية ".
وخالف ابن كثير رواية الطبري هذه، فقال: " ان أصحاب معاوية عثروا عليه في الغار ميتا، فحزوا رأسه، وبعثوا به إلى معاوية، وهو أول رأس طيف به في الاسلام. ثم بعث معاوية برأسه إلى زوجته (آمنة بنت الشريد) وكانت في سجن معاوية [انظر إلى أفظع ألوان الارهاب] فألقي في حجرها، فوضعت كفها على جبينه، ولثمت فمه، وقالت: غيبتموه عني طويلا، ثم أهديتموه إلي قتيلا، فأهلا به من هدية غير قالية ولا مقلية.
" ثم كان فيما كتب به الحسين عليه السلام إلى معاوية: الست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله - العبد الصالح الذي أبلته العبادة - فانحلت جسمه، وصفرت لونه، بعدما أمنته وأعطيته
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»