صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٣٦
اليه ثم القدوم على الله وعلى نبيه وعلى وصيه أحب الينا من دخول النار ".
وحفرت القبور، وقام حجر وأصحابه يصلون عامة الليل، فلما كان الغد قدموهم ليقتلوهم فقال لهم حجر: " اتركوني أتوضأ وأصل فاني ما توضأت الا صليت ". فتركوه فصلى ثم انصرف، وقال: " والله ما صليت صلاة أخف منها، ولولا أن تظنوا في جزعا من الموت لاستكثرت منها ".
ثم قال: " اللهم انا نستعديك على أمتنا، فان أهل الكوفة شهدوا علينا، وان أهل الشام يقتلوننا، أما والله لئن قتلتموني بها، فاني لأول فارس من المسلمين هلك في واديها، وأول رجل من المسلمين نبحته كلابها (1) ".
ثم مشى اليه هدبة بن فياض القضاعي بالسيف، فارتعد - فقالوا له: " زعمت أنك لا تجزع من الموت، فابرأ من صاحبك وندعك!! ".
فقال: " مالي لا أجزع وأرى قبرا محفورا، وكفنا منشورا، وسيفا مشهورا، واني والله ان جزعت من القتل، لا أقول ما يسخط الرب! ".
وشفع في سبعة من أصحاب حجر ذوو حزانتهم من المقربين لدى معاوية في الشام.
وعرض الباقون على السيف، وقال حجر في آخر ما قال: " لا تطلقوا عني حديدا، ولا تغسلوا عني دما، فاني لاق معاوية غدا على الجادة واني مخاصم ". وذكر معاوية كلمة حجر هذه فغص بها ساعة هلك - معاوية - فجعل يغرغر بالصوت ويقول: " يومي منك يا حجر يوم طويل ".

(1) ابن الأثير (ج 3 ص 192) وقال ابن سعد ومصعب الزبيري فيما رواه الحاكم عنه عند ذكر حجر: " وقتل بمرج عذراء بأمر معاوية وكان حجر هو الذي افتتحها فغدر بها ". أقول: وهو معنى قوله هنا: " وأول رجل من المسلمين نبحته كلابها " يعني يوم فتحها.
فاجعته في المسلمين حج معاوية بعد قتله حجرا وأصحابه فمر بعائشة " واستأذن عليها
(٣٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 ... » »»