صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٨٧
الوحي، صلى الله عليه وآله وسلم. أما بعد، فوالله اني لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد الله ومنه، وأنا انصح خلق الله لخلقه، وما أصبحت محتملا على مسلم ضغينة، ولا مريدا له سوءا ولا غائلة. ألا وإن ما تكرهون في الجماعة، خير لكم مما تحبون في الفرقة، الا واني ناظر لكم خيرا من نظركم لأنفسكم، فلا تخالفوا أمري، ولا تردوا علي رأيي. غفر الله لي ولكم، وأرشدني وإياكم لما فيه المحبة والرضا (1) ".
ثم قال: " أيها الناس، ان الله هداكم بأولنا، وحقن دماءكم بآخرنا، وان لهذا الامر مدة، والدنيا دول. قال الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل ان أدري أقريب أم بعيد ما توعدون. انه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون. وان أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين (2) ".
ثم قال: ".. وان معاوية زعم لكم أني رأيته للخلافة أهلا، ولم أر نفسي لها أهلا، فكذب معاوية. نحن أولى الناس بالناس في كتاب الله عز وجل وعلى لسان نبيه. ولم نزل - أهل البيت - مظلومين منذ قبض الله نبيه. فالله بيننا وبين من ظلمنا، وتوثب على رقابنا، وحمل الناس علينا، ومنعنا سهمنا من الفيء، ومنع أمنا ما جعل لها رسول الله. واقسم بالله لو أن الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله، لأعطتهم السماء قطرها والأرض بركتها، ولما طمعت فيها يا معاوية.. فلما خرجت من معدنها، تنازعتها قريش بينها، فطمع فيها الطلقاء وأبناء الطلقاء، أنت وأصحابك. وقد قال رسول الله: ما ولت أمة أمرها رجلا وفيهم من هو أعلم منه، الا لم يزل أمرهم يذهب سفالا، حتى يرجعوا إلى ما تركوا. فقد ترك بنو

(1) الارشاد للشيخ المفيد (ص 169 - طبع إيران).
(2) المسعودي (هامش ابن الأثير ج 6 ص 61 - 62)، وابن كثير (ج 8 ص 18)، والطبري (ج 6 ص 93).
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 284 285 286 287 288 289 290 292 293 ... » »»