تستند إلى العباسيين فهم الذين حببوا إليه خلع المأمون والنكاية به، ولم يكن ما وقع عن رأي الأمين وتدبيره، وهذا فصل آخر من هذه الرسالة:
" وأما ما ذكرتم من استبصار المأمون في البيعة لأبي الحسن الرضا فما بايع له المأمون إلا مستبصرا في أمره، عالما بأنه لم يبق أحد على ظهرها أبين فضلا، ولا أظهر عفة، ولا أورع ورعا ولا أزهد زهدا في الدنيا، ولا أطلق نفسا، ولا ارضى في الخاصة والعامة، ولا أشد في ذات الله منه، وان البيعة له لموافقة رضى الرب عز وجل، ولقد جهدت وما أجد في الله لومة لائم.
ولعمري لو كانت بيعتي محاباة لكان العباس ابني وسائر ولدي أحب إلى قلبي، وأحلى في عيني، ولكن أردت أمرا، وأراد الله أمرا فلم يسبق أمري أمر الله ".
وحكى هذا المقطع بيعته للإمام الرضا (عليه السلام) بولاية العهد وانها لم تكن محاباة، أو اندفاعا وراء العواطف والأهواء وانما كانت عن اجتهاد وتبصر، وتدبر في أمور المسلمين، وذلك لما يتمتع به الامام العظيم من الصفات الرفيعة، والتي منها:
أ - ان الامام أفضل انسان على وجه الأرض.
ب - إن الامام اعف انسان.
ج - الورع عن محارم الله.
د - اجماع المسلمين على تعظيمه، وتقديمه بالفضل على غيره.
ه - انه (عليه السلام) لا تأخذه في الله لومة لائم.
وهذه الصفات هي التي دفعت المأمون إلى البيعة للامام بولاية العهد، ولنستمع إلى فصل آخر من هذه الرسالة يقول:
وأما ما ذكرتم مما مسكم من الجفاء في ولايتي فلعمري ما كان ذلك إلا منكم بمظافرتكم علي، وممايلتكم إياه، فلما قتلته، وتفرقتم عباديد فطورا اتباعا لابن أبي خالد، وطورا أتباعا لاعرابي، وطورا اتباعا لابن شكلة، ثم لكل من سل سيفا على، ولولا أن شيمتي العفو، وطبيعتي التجاوز ما تركت على وجهها منكم أحدا، فكلكم حلال الدم محل بنفسه ".
وأعرب المأمون عن الجفاء والحرمان الذي لحق بالعباسيين في عهده فإنهم هم السبب في ذلك، فقد أيدوا الأمين وناصروه، ولما قتل انضموا إلى كل من أعلن