ولا يمتنع الاسلام منه فمضى لسبيله على بينة من ربه.
وأما أبو طالب فإنه كفله ورباه، ولم يزل مدافعا عنه، ومانعا منه، فلما قبض الله أبا طالب فهم القوم، واجمعوا عليه ليقتلوه فهاجر إلى القوم الذين تبوأوا الدار والايمان من قبلهم، يحبون من هاجر إليهم، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا، ويؤثرون على أنفسهم، ولو كان بهم خصاصة، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون... ".
عرض هذا المقطع إلى بعثة الرسول الأعظم (ص) في مجتمع متكبر يرى أنه لا يدانيه، ولا يساويه أحد، وفي فجر الدعوة المشرقة ما آمن به إلا أم المؤمنين السيدة خديجة، وقد رصدت لدعوته جميع أموالها، ومن بعدها آمن به الامام أمير المؤمنين سلام الله عليه، وكان عمره الشريف سبع سنين، ولم يسجد لصنم ولم يعبد وثنا، وانما عبد الله تعالى عن إيمان واخلاص.
أما أعمام النبي (ص) فكان فيهم المشرك والحاقد والضال، وهو أبو لهب، وكان فيهم بطل الاسلام أسد الله الشهيد حمزة الذي أعز الله به الاسلام، ونافح عن الرسول بكل بسالة حتى استشهد.
وخيرة أعمام النبي (ص) هو أبو طالب الذي آمن بالاسلام واعتنق أهدافه ومبادئه، ووقف إلى جانب الرسول (ص) يحميه، ويدفع عنه كيد المعتدين، ولما انتقل هذا العملاق العظيم إلى حظيرة القدس، فقد النبي (ص) المحامي والمدافع عنه، وهمت قريش بقتله فخرج (ص) مهاجرا إلى (يثرب) فاتخذها مقرا لدعوته، وعاصمة لحكومته، فقد وجد فيها الصفوة الصادقة المتفانية في الذب عنه، ولنعد إلى فصل آخر من فصول هذه الرسالة.
" ولم يقم مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحد من المهاجرين كقيام علي بن أبي طالب، فإنه آزره، ووقاه بنفسه، ونام في مضجعه، ثم لم يزل بعد مستمسكا بأطاف الثغور، وينازل الابطال، ولا ينكل عن قرن، ولا يولي عن جيش، منيع القلب يؤمر على الجميع، ولا يؤمر عليه أحد، أشد الناس وطأة على المشركين، وأعظمهم جهادا في الله، وأفقههم في دين الله، وأقرأهم لكتاب الله وأعرفهم بالحلال والحرام.
وهو صاحب الولاية في حديث " غدير خم " وصاحب قوله (ص): " أنت مني