حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٣٢٣
احساسا...
ولنستمع إلى فصل آخر من رسالته يقول:
" وأما ما ذكرتم من العثرة كانت في أبي الحسن نور الله وجهه، فلعمري أنها عندي للنهضة والاستقلال الذي أرجو به قطع الصراط، والامن والنجاة من الخوف يوم الفزع الأكبر، ولا أظن عملا هو عندي أفضل من ذلك إلا أن أعود بمثلها إلى مثله، وأين لي بذلك وأين لكم بتلك السعادة... ".
لقد رد المأمون على أسرته التي عابت عليه عقده بولاية العهد للإمام الرضا (عليه السلام) وانه قد عثر بذلك عثرة لا تغفر، فأجابهم انه قد خطا بذلك خطوة كبرى لنهضة الأمة واستقلالها، فقد رشح لزعامتها أفضل انسان على وجه الأرض يقيم الحق، وينشر العدل، ويعيد للاسلام كرامته...
وهذا فصل آخر من هذه الرسالة يقول:
" وأما قولكم: إني سفهت آراء آبائكم، وأحلام أسلافكم، فكذلك قال مشركو قريش: " إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون " ويلكم إن الدين لا يؤخذ إلا من الأنبياء، فافقهوا، وما أراكم تعقلون ".
ورد المأمون بهذا الكلام على ما زعمته أسرته من أنه سفه آراء آبائه، وأفسد أحلام أسلافه، وذلك ببره واحسانه إلى آل النبي (صلى الله عليه وآله)، فان هذا المنطق الهزيل قد تمسك به المشركون من قبل حينما دعاهم الرسول الأعظم إلى كلمة التوحيد فرفضوا ذلك فقالوا: " انا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون "...
ولنستمع إلى الفصل الأخير من هذه الرسالة يقول:
" وأما تعييركم إياي: بسياسة المجوس، وإياكم فما أذهبكم " الانفة " في ذلك، ولو ساستكم القردة والخنازير، وما أردتم إلا أمير المؤمنين، ولعمري لقد كانوا مجوسا فأسلموا كآبائنا وأمهاتنا في القديم، فهم المجوس الذين أسلموا، وأنتم المسلمون الذين ارتدوا، فمجوسي أسلم خير من مسلم ارتد فهم يتناهون عن المنكر، ويأمرون بالمعروف، ويتقربون من الخير، ويتباعدون من الشر، ويذبون عن حرم المسلمين، يتباهجون بما نال الشرك وأهله من النكر، ويتباشرون بما نال الاسلام وأهله من الخير... منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»
الفهرست