حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٢٦٩
وآله)؟ ".
وأجاب المأمون:
" قد فعله - اي فعل ما يجب عليه - ".
واشكل المتكلم قائلا:
" أفما وجب عليه أن يعلم الناس أنه إمام؟ ".
وسارع المأمون قائلا:
" إن الإمامة لا تكون بفعل منه في نفسه، ولا بفعل من الناس فيه من اختيار أو تفضيل أو غير ذلك، وانها تكون بفعل من الله تعالى فيه، كما قال لإبراهيم: (إني جاعلك للناس إماما) (1) وكما قال تعالى لداود: (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض) وكما قال عز وجل للملائكة في آدم (إني جاعل في الأرض خليفة) (3).
فالامام انما يكون إماما من قبل الله تعالى، وباختياره إياه في بدء الصنيعة والتشريف في النسب والطهارة في المنشأ والعصمة في المستقبل، ولو كانت بفعل منه في نفسه كان من فعل ذلك الفعل مستحقا للإمامة، وإذا عمل خلافها اعتزل فيكون خليفة من قبل أفعاله ".
واشكل متكلم آخر فقال:
" لم أوجبت الإمامة لعلى بعد الرسول (ص)؟ ".
وأجاب المأمون:
" لخروجه من الطفولة إلى الايمان كخروج النبي من الطفولية إلى الايمان والبراءة من ضلالة قومه عن الحجة، واجتنابه الشرك كبراءة النبي (ص) من الضلالة، واجتنابه للشرك، لان الشرك ظلم ولا يكون الظالم إماما، ولا من عبد وثنا باجماع، ومن شرك فقد حل من الله تعالى محل أعدائه، فالحكم فيه الشهادة عليه بما اجتمعت عليه الأمة حتى يجئ اجماع آخر مثله، ولأن من حكم عليه مرة، فلا يجوز أن يكون حاكما، فيكون الحاكم محكوما عليه مرة، فلا يكون حينئذ فرق بين الحاكم والمحكوم عليه... ".

(1) سورة البقرة: آية 124.
(2) سورة ص: آية 26.
(3) سورة البقرة: آية 30.
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»
الفهرست