وعلة أخرى: لو أمرهم باختيار رجل منهم كان لا يخلو من أن يأمرهم كلهم أو بعضهم، فلو أمر الكل من كان المختار؟ ولو أمر بعضا دون بعض كان لا يخلو من أن يكون على هذا المعنى علامة، فان قلت: الفقهاء فلا بد من تحديد الفقيه وسمته ".
وانبرى متكلم فقال:
" روى أن النبي (ص) قال: ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رأوه قبيحا فهو عند الله قبيح... ".
فرد عليه المأمون هذه المقالة الفاسدة التي تستلزم التصويب المجمع على بطلانه، وهو ان ليس لله تعالى في كل واقعة حكم يصيبه من يصيبه، ويخطئه من يخطئه، وهذا جواب المأمون:
" هذا القول لا بد ان يكون يريد كل المؤمنين أو البعض، فان أراد الكل فهذا مفقود لان الكل لا يمكن اجتماعهم، وان كان البعض، فقد روى كل في صاحبه حسنا مثل رواية الشيعة في علي، ورواية الحشوية في غيره، فمتى يثبت ما تريدون من الإمامة؟ ".
وقال متكلم آخر:
" فيجوز أن تزعم أن أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) أخطأوا ".
فأجابه المأمون:
" كيف نزعم أنهم أخطأوا، واجتمعوا على ضلالة وهم لم يعلموا فرضا ولا سنة، لأنك تزعم أن الإمامة لا فرض من الله تعالى، ولا سنة من الرسول (صلى الله عليه وآله)؟ فكيف يكون فيما ليس عندك بفرض ولا سنة خطأ؟.
وسارع متكلم آخر فقال للمأمون:
" ان كنت تدعى لعلي من الإمامة دون غيره فهات بينتك على ما تدعي... ".
مناقشة المأمون:
" ما أنا بمدع، ولكني مقر، ولا بينة على مقر، والمدعي من يزعم أن إليه التولية والعزل، وان إليه الاختيار، والبينة لا تعرى من أن تكون من شركائه، فهم خصماء، أو تكون من غيرهم، والغير معدوم، فكيف يؤتى بالبينة على هذا؟ ".
وقال متكلم آخر:
" فما كان الواجب على علي (عليه السلام) بعد مضي رسول الله (صلى الله عليه